خاص

عبدالسميع لـ الجريدة•: الدولة «عمياء» في مواجهة الثأر

«تستبعد المؤسسات التعليمية والثقافية والشبابية وتكتفي بحملة بعد سقوط الدم»

نشر في 26-08-2017
آخر تحديث 26-08-2017 | 20:45
الباحث في عادات الصعيد فتحي عبدالسميع
الباحث في عادات الصعيد فتحي عبدالسميع
انتقد الباحث في عادات الصعيد فتحي عبدالسميع رؤية سلطات الدولة في مواجهة ظاهرة الثأر، ووصفها بـ"الكفيفة"، وأوضح، في حوار مع "الجريدة"، أن الصعيد يمتلك ترسانة من الأسلحة، والحل المناسب للقضاء على هذه الظواهر السلبية هو التنمية المستدامة، وفيما يلي التفاصيل:
• بوصفك باحثا في الدراسات الشعبية، كيف ترى تصاعد وتيرة عمليات الثأر في الصعيد مؤخرا؟

- للأسف طالما استمرت ثقافة القبيلة سائدة في الصعيد فستستمر فكرة الثأر الشخصي، كوسيلة للحصول على العدالة، وستظل المواجهة القبلية جاهزة بكل ما فيها من قسوة وعشوائية، خاصة عندما تنشب الخصومة بين كيانين قبليين كبيرين، يحملان تاريخا من التعصب.

• ماذا عن الدور المفترض أن تلعبه مؤسسات الدولة للتغلب على الظاهرة؟

- للأسف الدولة لم تبذل جهودا ملموسة لإنهاء الظاهرة، فدور الدولة ضعيف جدا، ويعتمد على رؤية "عوراء" إن لم تكن "عمياء"، فظاهرة الثأر في الصعيد مشكلة ثقافية بالدرجة الأولى، والدولة تستبعد أي أدوار لمؤسسات الدولة التعليمية والثقافية والشبابية.

ودور الدولة يقتصر على حضور قوات الشرطة بأعداد كثيفة بعد سقوط القتلى، لتهدئة الأوضاع مؤقتا، والقبض على عدد من المتهمين، وتحرير محاضر بائسة، تنتج عنها أحكام بالبراءة، أو عقوبات غير مناسبة، وبالتالي يفقد القانون قيمته، لذلك يظل الحل قبليا في جوهره.

• لكن كيف يكون التعليم شريكا في القضاء على الظاهرة؟

- مناهج التعليم لا يوجد بها أي ذكر لمصطلح الثأر، والمواد الدراسية ينبغي أن تتضمن نصوصا تتصدى لتلك الظاهرة، خاصة حينما تكون في سنوات التكوين، ويجب تفعيل دور وزارات الثقافة والشباب والبحث العلمي والأوقاف، لتجفيف منابع العنف بشكل عام، والثأر نتاج حالة تراكمية من سياسات تهميش الصعيد.

• لماذا فشل القانون في القضاء على ظاهرة انتشار السلاح بالصعيد؟

- معظم ترسانة الصعيد من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بحملها أو إحرازها، وكميتها كبيرة جدا، وكل ذلك يقدم إشارات لوضع الدولة، ويكشف عدم إيمان الناس بالقانون، الأمر الذي يصيب الدولة في مقتل، ورغم كل هذا الكم الهائل من السلاح فإننا لم نسمع عن قيام الدولة بالقبض على تاجر سلاح واحد في الصعيد، لكننا للأمانة نسمع فقط عن محاضر فردية، لا تتناسب مع حجم الظاهرة.

• هل هناك تجارب صلح ناجحة في بعض حالات الثأر؟

- هناك تجارب كثيرة ناجحة، بل ويمكنني القول إن كل التناحرات الثأرية تنتهي بالصلح في النهاية، فثقافة الصعيد لا تقوم على العنف المضاد فقط، ولا تتخذ من القتل الثأري حلا وحيدا لأزمة العنف، لكن تدخل الدولة في بعض الأوقات قد يفسد بعض مساعي الصلح، إذ إن تدخل الدولة يأتي بمنزلة محاولة إغلاق القضية لا حلها.

• متى ستنتهي ظاهرة الثأر في الصعيد؟

- عندما ترغب الدولة في إنهائها، عبر مشروع تتبناه الدولة لمواجهة الثأر، ولا يمكن لمشروع كهذا أن ينفصل عن مشروع تنموي متكامل، يرفع التهميش عن الصعيد.

• ماذا عن تجربة "مجمع الألمنيوم" في نجع حمادي في عهد عبدالناصر؟

- على مدار نصف قرن لم ترصد واقعة ثأرية في "مدينة الألمنيوم"، رغم أنها محاصرة بالقرى التي توجد فيها الظاهرة، ورغم أن سكانها ينتمون في الغالب إلى نفس الثقافة الراسخة في الصعيد فإن سر نجاة "مدينة الألمنيوم" من مستنقع الدم يرجع إلى نجاح التنمية الصناعية المتكاملة في تجفيف منابع العنف الأول الذي يشعل الثأر، واللافت أن مسببات الثأر دائما ما تكون تافهة وبسيطة، لكن المصالح الجماعية التي تغذيها النعرات القبلية، هي التي تفاقم الوضع.

• ماذا استهدفت من كتابك "القربان البديل"؟

- الكتاب حاول رصد الظاهرة للمساهمة في وضع حلول جدية لها، وهو جزء من مشروع بحثي مازال جاريا، وقريبا سيصدر كتابنا الثاني بعنوان "ميزان الدم: طقوس القتل الثأري".

back to top