«سوق على مهلك»!
نتقدم بالشكر الجزيل إلى شهرَي يوليو وأغسطس من كل عام في التخفيف من أزمة المرور والشكر ليس موصولاً لوزارتي الأشغال والداخلية.
أول العمود: عضو مجلس الأمة خالد الشطي قال كلاماً في منتهى الخطورة، اتهم فيه النواب الإسلاميين بالمتاجرة بحقوق "البدون"، وأن ما يقولونه في الغرف المغلقة مختلف عن المعلن، وهو كلام مطابق لقول العضو السابق د. عبيد الوسمي... فيا تري ماذا يقولون؟
***أشعر براحة وأنا أقود السيارة خلال أيام الصيف الطويلة، أصل إلى هدفي بسرعة وبدون نكد المرور، لا بسبب اجتهاد وزارتي الأشغال والداخلية، بل بسبب تواجد ما يقارب نصف مليون نسمة خارج الكويت، سواء من المواطنين أو "اللي أخذوا وظايفنا" من الوافدين كما يحب المتكسبون من أهل السياسة وصفهم! في الوضع المروري الحالي لن تتمكن من سماع أغنية كاملة لأم كلثوم، فمنذ خروجك من العمل حتى وصولك إلى البيت تكون "الست" قد بدأت الكوبليه الأول. هذه أيام مرورية مباركة، سيقضي عليها القادمون من المطار بعد عطلة العيد قضاءً مبرماً وسنعود إلى حالتنا القديمة وشعارها الفريد"الزحمة نعمة". شخصياً، أنا من محبي الإحصاءات والأرقام، وفي محاولة لكشف أرقام الأزمة المرورية تصفحت موقع الإدارة المركزية للإحصاء ودخلت في قسم النقل والمواصلات لعام 2015، وهو الأحدث في النشر، وتكشفت لي المعلومات التالية:زيادة عدد المركبات بين عامي 2006 و2015 من مليون و200 ألف مركبة إلى مليون و900 يقابلها فقط 5285 سيارة مرور! وفي المقابل لم يتم تشييد مزيد من الكيلومترات الجديدة من الطرق المرصوفة بما يكفي لهذا التدفق الهائل من السيارات خلال بضع سنوات، ففي عام 2006 كان مجموع أطوال الطرق 5 آلاف و959 كيلومتراً، وفي عام 2015 لم يتجاوز الرقم 7 آلاف و500 كيلومتر، ما يعني تراجع حركة إنشاء الطرق خلال تلك السنوات الطويلة بالمقارنة مع زيادة المركبات التي تخنق الشوارع، وتبين أيضا أن عدد رخص السوق تمنح سنوياً بمعدل 80 ألف رخصة وهو رقم مهول.وفي مقابل التساهل في منح الرخص الخاصة، والذي يفتح باب تملك السيارة، تراجع عدد ركاب باصات النقل العام الحكومية من 59 ألف راكب عام 2011 إلى 20 ألفاً عام 2015! وهذا أحد مصادر الزحام المهمة. كما انخفضت أعداد المشتركين في ركوب الباصات من 27 ألفاً إلى 7 آلاف بين العامين المذكورين. هذا يوضح أن مسألة المرور مهجورة تماماً من سياسة الحكومة، ولذلك فإن المعاناة ستستمر لسنوات قادمة وستتسبب في ظهور أخلاقيات متدنية لسائقي المركبات وهو ما يحدث فعلاً. الطريف في الإحصاءات الرسمية أن هناك تنوعاً غير مبرر في تصنيف سيارات الأجرة (سيارات أجرة - أجرة جوالة - وأجرة تحت الطلب) وتبلغ أعدادها 17 ألف سيارة، ولا نعرف نوع الخدمات التي يتمتع بها الراكب في الأنواع الثلاثة سوى تهالك المقاعد وسوء التكييف فيها، أما باصات النقل الخاص فتعدادها 55 ألف مركبة.وبينما وصلت مخالفات السرعة إلى 3 ملايين و500 ألف مخالفة لعام 2015 ، كانت مخالفة ارتداء النقاب أثناء القيادة مخالفة واحدة فقط! معلومة غريبة أليس كذلك؟أمر المرور مُزرٍ في الكويت؛ ففي البلدان الأخرى يُشكر الوزراء القائمون على تشييد الطرق وإدارتها من قبل الشرطة، أما نحن فشكرنا موجه إلى شهري يوليو وأغسطس فقط... فالزمان أرحم.