قتل ضابط برتبة عقيد في القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ومسلحان من الحوثيين في اشتباكات غير مسبوقة جرت بين الطرفين في صنعاء، ما يضع العاصمة اليمنية على حافة حرب جديدة.

ووقعت الاشتباكات بين الحليفين في حي جولة المصباحي في جنوب العاصمة مساء السبت في محيط نقطة أمنية، وذلك بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين على خلفية اتهامات متبادلة بالخيانة.

Ad

وأفاد مراسل فرانس برس وشهود أن شوارع العاصمة اليمنية تشهد انتشاراً مسلحاً كثيفاً.

وقال حزب «المؤتمر الشعبي العام» الذي يتزعمه الرئيس السابق في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه، أن العقيد خالد الرضي تعرض «للغدر والنهب» في حي جولة المصباحي «أثناء عودته من مقر عمله متوجهاً إلى بيته».

ولم يسم البيان الحوثيين بالاسم مكتفياً بالإشارة إلى أنه قتل على يد «جماعة لا تعرف الأخلاق والعهود والمواثيق»، معتبراً أن «السكوت على هذه الحادثة قد يفتح الباب لجرائم كثيرة من هذا النوع إذا تم التهاون مع القتلة».

وحذر الحزب النافذ من أن الحادثة قد تفتح «باب الفتنة لا سمح الله والتي من الصعب إيقافها».

وكان الرضي أحد خبراء القوات الخاصة وجهاز مكافحة الإرهاب حتى العام 2012، وعين قبل نحو ستة أشهر من قبل المؤتمر الشعبي العام نائباً لرئيس دائرة العلاقات الخارجية.

من جهتهم، قال الحوثيون بحسب ما نقلت عنهم وكالة الأنباء «سبأ» المؤيدة لهم أن «عناصر مسلحة» قامت مساء السبت بمهاجمة نقطة أمنية في حي جولة المصباحي، وأن «أثنين من أفراد الأمن واللجان الشعبية (المسلحون الحوثيون) استشهدا جراء الإعتداء على النقطة الأمنية».

وذكرت الوكالة أنه «يجري حالياً إستكمال حل المشكلة ولا يوجد ما يبعث على القلق».

وأفاد مراسل فرانس برس في صنعاء أن الهدوء يعم المدينة، إلا أن هناك معلومات غير مؤكدة تفيد بأن الحوثيين يتجهون نحو منع قيادات الحزب الحاكم من مغادرة العاصمة.

كما ذكر شهود أن القوات الموالية لصالح نفذت ظهر الأحد انتشاراً أمنياً كثيفاً في حي جولة المصباحي وفي المنطقة المحيطة به والتي تشمل حي حدة وميدان السبعين وقصر الرئاسة.

توترات

وتشهد صنعاء منذ أسابيع توترات بين القوات المؤيدة لصالح والحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية منذ سبتمبر 2014.

والخميس، أحيا مئات آلاف اليمنيين من مناصري صالح في المدينة الذكرى الـ35 لتأسيس حزبه، في استعراض كبير للقوة.

وعكست أعداد المناصرين النفوذ الكبير الذي لا يزال يتمتع به صالح و«المؤتمر»، الحزب الذي حافظ على حضوره القوي رغم النزاع المسلح وحركة الاحتجاج التي أجبرت زعيمه قبل خمس سنوات في فترة «الربيع العربي» على مغادرة السلطة بعدما حكم البلاد لعقود.

وظهرت إلى العلن بوادر انشقاق بين صالح والمتمردين بعدما اتهمه هؤلاء بـ«الغدر»، مؤكدين أن عليه تحمل تبعات وصفه لهم بـ «الميليشيا».

وحكم صالح اليمن من عام توحيد البلاد في 1990 حتى 2012 حين تنازل عن الحكم لمصلحة الرئيس المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي على خلفية احتجاجات شعبية.

وخلال فترة حكمه، شن ست حملات عسكرية ضد الحوثيين الذين اتخذوا من منطقة صعدة شمال العاصمة معقلاً لهم.

عودة

في 2014، عاد صالح إلى الواجهة في محاولة لانتزاع الحكم، فتحالف مع الحوثيين ضد سلطة هادي، ونجح هذا الحلف غير المألوف في السيطرة على العاصمة وعلى مناطق شاسعة في البلاد، قبل أن تطلق المملكة السعودية حملة على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 لوقف تقدم المتمردين.

وفي المواجهة بين التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة والحوثيين مع قوات صالح من جهة ثانية قتل أكثر من ثمانية آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين وأصيب نحو 47 ألف شخص بجروح، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وتهدد الأحداث الأمنية في صنعاء بفك الارتباط بين صالح والحوثيين المتهمين بتلقي دعم عسكري ومالي من طهران. وقال حزب المؤتمر في بيانه أنه سيقف بقوة ضد «المحاولات الرامية إلى الانقلاب على الوطن والنهج الديموقراطي والشرعية الدستورية».

وفي خضم التوترات بين الجانبين، يستمر النزاع بحصد مزيد من ارواح المدنيين. والجمعة، قتل 14 مدنياً بينهم خمسة أطفال في غارة للتحالف العربي أصابت منزلاً سكنياً «عن طريق الخطأ»، بحسب التحالف.

وجاء ذلك بعدما أعلنت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة أن ضربات جوية شنها التحالف أدت إلى مقتل 42 مدنياً خلال أسبوع هذا الشهر، بينهم عدد من الأطفال.