استقرار القيم الإيجارية رغم وفرة المعروض
المُلاك يفضلون عدم إشغال الوحدة السكنية على تأجيرها بأسعار منخفضة
تدر العقارات الاستثمارية في الوقت الحالي عوائد تتراوح نسبتها بين 6.5 و8 في المئة، وتتجاوز ذلك في بعض العقارات المميزة، أو التي تم تأجيرها لأصحاب الأنشطة الاستثمارية أو للحكومة.
شهدت القيم الإيجارية في الكويت خلال السنوات الماضية، وتحديدا منذ عام 2010، ارتفاعات كبيرة، حيث قفزت الأسعار بنسبة تجاوزت 100 في المئة، ووصلت إلى أكثر من ذلك في بعض المناطق التي يوجد عليها طلب عالٍ، والتي يفضلها المستأجرون على غيرها.وتعود أسباب ارتفاع الإيجارات في الكويت إلى عوامل عديدة، منها الطلب المرتفع من المواطنين والوافدين، حيث إن هناك كثافة سكانية عالية، إضافة إلى بطء وتيرة إنشاء العقارات، سواء السكنية أو الاستثمارية خلال تلك الفترة.ومع انعدام الفرص الاستثمارية الأخرى، وعدم جاذبية سوق الأوراق المالية لرؤوس الأموال، اتجهت بوصلة المستثمرين إلى القطاع العقاري، سواء المحلي أو الخارجي، حيث شهد القطاع المحلي إقبالا كبيرا من المستثمرين والمطورين خلال السنوات الثلاث الماضية، وتوجه عدد كبير من المستثمرين إلى بناء المزيد من العقارات الاستثمارية، فضلا عن خروج أكثر من منطقة سكنية، وعلى سبيل المثال: سعد العبدالله، وصباح الأحمد وجابر الأحمد.
ارتفاع أسعار العقارات الاستثمارية
وفي ظل ارتفاع أسعار العقارات الاستثمارية، توجَّه صغار المستثمرين العقاريين إلى العقارات السكنية، وتم تحويلها إلى استثمارية، وتقسيم الوحدة السكنية إلى أدوار وشقق، وبالتالي أصبحت تدر عوائد مغرية تصل نسبتها إلى 8 في المئة سنويا.ومع انخفاض أسعار النفط، ووصولها إلى مستويات متدنية، اتخذت الحكومة إجراءات عديدة، لتقليل مصروفاتها، حيث قامت برفع تعرفتي الكهرباء والماء، وأيضا رفعت أسعار المشتقات البترولية، إضافة إلى توجهها لرفع رسوم الصحية على الوافدين، الأمر الذي جعل نسبة كبيرة منهم تفضل الرحيل على البقاء. وبالفعل، قام عدد كبير منهم بترحيل أسرهم، والمشاركة في السكن مع مجموعة من العزاب.جميع تلك الأسباب والعوامل أثرت سلبا على القطاع الاستثماري، وأصبحت هناك وحدات سكنية معروضة تفوق طلب المستأجرين، وهذا ما أكدته تقارير عديدة، بأن هناك شواغر كبيرة في الشقق الاستثمارية، وأيضا في الأدوار المخصصة للإيجار في العقارات السكنية، والدليل على ذلك لافتات "شقق للإيجار"، التي انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة.وكان من المنتظر أن تنخفض القيم الإيجارية بشكل لافت، وخاصة مع ارتفاع المعروض، لكن الواقع يقول عكس ذلك، فالإيجارات انخفضت بنسب لا تذكر، مقارنة بالارتفاعات التي شهدتها خلال السنوات الماضية. فالإيجارات ثابتة، رغم وفرة المعروض، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، يتطرق هذا التقرير إلى ذكر أبرزها، ويأتي في مقدمتها؛ السياسة التي يتخذها معظم مُلاك العقارات الاستثمارية والسكنية، لتثبيت أسعار الإيجارات، وعدم تخفيضها.سياسة الملاك لتثبيت الإيجارات
مالكو العقارات يتبعون سياسات عديدة، ليس فقط لتثبيت القيم الإيجارية، بل لجذب المستأجرين، فعلى سبيل المثال يتبع المُلاك سياسة عدم تأجير الوحدة السكنية بأسعار منخفضة، ويفضلون شغورها، حتى لا تنخفض عوائد العقار، وبالتالي تتأثر القيمة السوقية.وضمن الأسباب أيضا التي أدت إلى ثبات القيم الإيجارية، رغم وفرة المعروض، أن المستأجرين لا يرغبون في الرحيل عن المناطق القريبة من مقار عملهم، وبالتالي يرتفع الطلب على العقارات في بعض المناطق وينخفض في أخرى.كثرة لافتات «شقق للإيجار»
من جانب آخر، يوضح عدد من العقاريين أن لافتات "شقق للإيجار" تكثر على العقارات ذات التشطيبات السيئة أو الجديدة، التي يرغب أصحابها في جذب المستأجرين، حيث إن هناك عددا كبيرا من العقارات الاستثمارية التي تم تشييدها أخيرا، وخاصة في مناطق، مثل: الفنطاس والمهبولة.ويرى العقاريون أنه من الطبيعي أن تنتشر لافتات "للتأجير"، في ظل ارتفاع المعروض عن الطلب، إضافة إلى رحيل عدد لا بأس به من الوافدين، بعد القرارات الأخيرة الذي صدرت لغير مصلحتهم، إضافة إلى أن هناك جزءا كبيرا من العقارات ذات التشطيبات السيئة تسعى إلى أخذ حصة من السوق وتأجير الشقق وفقا للقيمة السوقية.ويشيرون إلى أن القطاع الاستثماري تأثر منذ فترة ليست بالقصيرة، إذ سعى المستثمرون إلى تثبيت القيم الإيجارية، عن طريق البحث عن مؤجرين ذوي نشاط استثماري، مثل: العيادات والمعاهد الدراسية والصحية ومكاتب المحاماة، وغيرها من الأنشطة، حيث إن التأجير لأصحاب الأنشطة الاستثمارية من شأنه رفع عوائد العقار. كما اتخذ البعض سياسة تأثيث العقار، والإعلان عن وجود شقق مؤثثة بالكامل، وانتشرت تلك الظاهرة بكثرة في السوق العقاري خلال الفترة الأخيرة.من جهة أخرى، حذر عقاريون من حدوث أزمة في القطاع العقاري، في ظل ضعف الرقابة، حيث إن مخالفات البناء في العقارات الاستثمارية أصبحت كثيرة، وباتت الشقة تنقسم إلى ثلاثة شقق وأكثر، ما من شأنه التأثير على القطاع، إذ يجب ضبط وتغريم مُلاك العقارات المخالفة.وعن أسعار الإيجارات في الشقق الاستثمارية، ذكرت تقارير عديدة، أن القيمة الإيجارية لشقة مكونة من غرفتين وصالة مساحة 60 مترا تتراوح بين 300 و320 دينارا في محافظة العاصمة، وبين 280 و310 دنانير في حولي، وفي الفروانية بين 270 و310 دنانير، وفي الأحمدي بين 250 و280 دينارا، وبين 260 و300 دينار في الجهراء.فيما تراوحت القيم الإيجارية للشقق التي تبلغ مساحتها 100 متر مربع في محافظة العاصمة بين 400 و440 دينارا، وفي حولي بين 380 و410 دنانير، فيما سجلت القيم الإيجارية متوسطا بلغت قيمته 350 دينارا في الفروانية.أما القيم الإيجارية في السكن الخاص، فما زالت مستقرة في الوقت الحالي، إذ تراوحت للدور الأرضي 3 غرفة وصالة بين 300 و550 دينارا، وفق المحافظة والمنطقة، وترتفع قليلا في المناطق المميزة بالمحافظات الست.وتدر العقارات الاستثمارية في الوقت الحالي عوائد تتراوح نسبتها بين 6.5 و8 في المئة، وتصل إلى أكثر من ذلك في بعض العقارات المميزة، أو التي تم تأجيرها لمجموعة من أصحاب الأنشطة الاستثمارية، أو للحكومة.
في ظل ارتفاع أسعار العقارات الاستثمارية توجَّه صغار المستثمرين إلى العقارات السكنية