رياح وأوتاد: يقتلون الحلول ويصرّحون في جنازتها
![أحمد يعقوب باقر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/125_1701277800.jpg)
فلنأخذ مثلا مشكلة تضخم الجهاز الوظيفي الحكومي وتعيين غير الكويتيين وزياداتهم المالية وصعوبة إحلال الكويتيين، فهذا الموضوع تمت دراسته منذ سنوات طويلة في مجلس الأمة ومجلس التخطيط ولجنة إصلاح المسار واللجنة الاستشارية الاقتصادية، وكلها قدمت التوصيات والحلول نفسها، ولكن معظم مجالس الأمة المتعاقبة وبعض الحكومات أيضا لم يكتفوا بعدم تنفيذها إنما تم تنفيذ إجراءات تخالف هذه التوصيات، كما تم سن تشريعات من المجلس تناقضها أيضاً.وهذا ينطبق أيضاً على مشكلة ضعف مساهمة القطاع الخاص في التوظيف، واختلال التركيبة السكانية، وتردي نسبة الإيرادات غير النفطية ومشاكل الفساد والعلاج في الخارج وتضخم الإنفاق الجاري وهكذا. تلك الدراسات والاقتراحات والحلول السليمة كانت تحتاج فقط إلى إرادة وقرارات غير شعبوية لوضعها موضع التنفيذ، ولكن كان العيب ولا يزال في معظم أعضاء المجلس والحكومة الذين لم يستطيعوا وضع التشريعات والإجراءات المناسبة لتنفيذ تلك الدراسات والتوصيات، وغرقوا في كسب رضاءات شعبوية كاذبة ومدمرة لمستقبل البلاد. وخير مثال سريع على ذلك إحصائية بينت أن عدد بعض التخصصات يفوق الحاجة الفعلية بالنسب التالية:الآداب 235%، الشريعة 707%، العلوم الاجتماعية 74%، الحقوق 275%.في حين تفوق الحاجة الفعلية للبلاد إلى التخصصات العلمية ومهن أخرى عدد الخريجين بكثير! والمشكلة في ازدياد أيضا حيث سيصل مجموع الخريجين إلى أربعمئة ألف حتى سنة 2030. هذه الأرقام نشرت وكانت معروفة منذ زمن واتهمت المعالجة المخلصة لها بأنها غير شعبية، وأنها ضد المواطن وتم إبعادها، فكانت النتيجة أن نعيش دوامة التصريحات من جديد عن تضخم الجهاز الحكومي وتعطل مصالح المواطنين والعجز في الميزانية التي يلتهم الصرف الجاري أكثر من ثلاثة أرباعها، واختلال التركيبة السكانية ويستمر "دون كيشوت" بإلقاء المسوؤلية على التبريزي، والتبريزي يلوم "دون كيشوت"، وهكذا دون حلول فعلية، والله يعين أجيالنا المقبلة.