يعكف عشرات السعوديين، معظمهم في أربعينيات وخمسينيات العمر، على صناعة كسوة الكعبة المشرفة الموشاة بآيات قرآنية مكتوبة بخيوط من الذهب والفضة في مصنع مخصص فقط لهذا الغرض في مكة المكرمة.

وتتزين الكعبة برداء جديد من الحرير مُبطن بالقطن في يوم عرفة من كل عام، والذي يوافق يوم الخميس المقبل، في موسم الحج الحالي.

Ad

وفي مصنع كسوة الكعبة المشرفة الواقع في منطقة أم الجود بمكة، قضى معظم العاملين في صناعة الكسوة حياتهم، والكثير منهم على وشك التقاعد خلال السنوات القليلة المقبلة.

وللتغلب على هذه المشكلة قال محمد بن عبدالله باجوده المدير العام للمصنع، إن "العمل يجري على إعداد جيل جديد شاب من الصناع"، مضيفاً أن "خطط تطوير المصنع تشمل تحديث جميع آلاته بحلول العام المقبل".

وقال باجوده: "المقام الكريم الملك سلمان بن عبدالعزيز وجّه بتحديث جميع ماكينات المصنع وباكورة الماكينات وصلت، وكذلك توفير صف ثان من الصناع ليحلوا محل الصناع الموجودين بعد بلوغهم سن التقاعد".

واستقبلت السلطات في السعودية أكثر من مليوني حاج هذا العام يتدفقون على أقدس بقاع الأرض لدى المسلمين لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.

ويشارك نحو 200 شخص في صناعة الكسوة على مدى نحو 9 أشهر في المصنع، وجميع القائمين على صناعة الكسوة من السعوديين.

ويعود تاريخ كسوة الكعبة إلى ما قبل الإسلام، واستمر هذا التقليد على مدى الحقب الإسلامية المختلفة حتى اليوم.

وكانت مصر ترسل الكسوة إلى مكة على مدى قرون باستثناء فترات زمنية بسيطة، وتوقفت عن إرسالها نهائياً عام 1962. ومنذ ذلك الحين تصنع الكسوة في السعودية. وبني مصنع الكسوة الحالي في مكة عام 1977.

وتمر عملية صناعة الكسوة بعدة مراحل بدءاً من الصباغة، مروراً بالنسيج الآلي والنسيج اليدوي والطباعة والتطريز وانتهاء بحياكتها وتجميعها. وتستهلك الكسوة نحو 670 كيلوغراما من الحرير الخام. ويجري استيراد الحرير من إيطاليا وخيوط الفضة، وخيوط الفضة المطلية بالذهب من ألمانيا.

وحين زار طاقم "رويترز" مصنع الكسوة أمس كان وليد الجهني، الذي يعمل بالمصنع منذ 17 عاما وزميل له أكبر منه سناً، عاكفين على تطريز قطعة من حزام الكعبة بخيوط الفضة المذهبة. ويبلغ طول القطعة 240 سنتيمتراً، وعرضها 95 سنتيمتراً.

وقال الجهني إن "تطريز الآية القرآنية المطبوعة على هذه القطعة يستغرق 60 يوماً. ويتكون الحزام المطرز من 16 قطعة، ويحيط بالكعبة من الجهات الأربع. ويبلغ محيط الكعبة نحو 47 متراً، ويجري أيضاً تطريز ستائر باب الكعبة".

وقال الجهني عن مشاركته في تصنيع كسوة للكعبة "الحمد لله... احنا نشتغل نخدم الكعبة المشرفة وهذه نعمة كبيرة. الحمد لله نشكر ربنا عليها. شعور طيب الحمد لله"، مضيفا: "يعني لما نشتغل ونجيد في العمل نتفاءل بالخير أن المسلمين يفرحوا بثوب جديد على الكعبة... هذا أفضل شعور والحمد لله".

وقال باجوده، إن الكسوة الجديدة التي ستكتسي بها الكعبة يوم الخميس المقبل، وهو يوم عرفة، تكلفت ما بين 20 و25 مليون ريال سعودي (5.33-6.67 ملايين دولار).