بعد بدايات على الساحة الدولية تضمنت خطوات لافتة ومبادرات غير متوقعة، يعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، المحاور الكبرى لسياسته الخارجية، كما يضع اللمسات الأخيرة على عملية توزيع الميزانية بين مختلف الوزارات، وتهيئة فريقه قبل بدء تطبيق أول الإصلاحات الكبرى لولايته.

وغداة قمة أوروبية - إفريقية، يلقي ماكرون كلمة في قصر الإليزيه أمام السفراء الفرنسيين المجتمعين في باريس خلال الملتقى السنوي الذي يحدد خريطة عملهم، مع استئناف العمل السياسي بعد العطلة الصيفية.

Ad

وخلال أقل من 4 أشهر في السلطة، تمكن ماكرون، الحديث العهد بالسياسة الخارجية، من لفت الأنظار دولياً، متبنياً مواقف تراوحت بين المجاملة والحزم، وصولاً إلى الشجب الشديد اللهجة، مثل انتقاداته لبولندا، الجمعة الماضي، والتي ردت باتهامه بالعجرفة.

وترقبت الأوساط الأوروبية باهتمام وفضول كبيرين تحركات الرئيس الشاب (39 عاماً) المؤيد بشدة لأوروبا، والذي يطرح نفسه على أنه يجسد التجديد السياسي.

والواقع أن خطواته الأولى أثارت الإعجاب، فاستقبل بحفاوة في اتحاد أوروبي تحت وقع صدمة «بريكست» البريطانية، ولقي الإشادة لتحديه صراحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مصافحة شديدة سُلطت عليها عدسات المصورين، ومجابهته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علناً في مسألة حقوق الإنسان.

وبعد العطلة الصيفية يخصص الاجتماع، بحسب الإليزيه، «لوضع الإصلاحات موضع التطبيق من الناحية العملية، حول 3 محاور كبرى: الإصلاحات الهيكلية التي تمت مباشرتها (قانون العمل ونظام التقاعد ومساعدات البطالة)، والخيارات بالنسبة للميزانية لترميم قدرة فرنسا الاستثمارية، واستعراض خارطة العمل للوزارات خلال الولاية الرئاسية». وبعدما جرى الاجتماع الأول من هذا النوع، في يونيو في نانسي، تحت إشراف رئيس الوزراء إدوار فيليب، يعقد الاجتماع هذه المرة برئاسة ماكرون نفسه، الذي دعا الوزراء إلى قصر الإليزيه.

والهدف بالنسبة للرئيس، الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوى منذ انتخابه في مايو الماضي، حسب استطلاعات الرأي، هو ضمان تماسك الفريق الحكومي، في وقت يتحتم على فريقه اتخاذ تدابير مهمة لتحقيق مدخرات من أجل تمويل إصلاحاته، مع الالتزام بهدفه خفض العجز في ميزانية فرنسا إلى ما دون عتبة 3 في المئة.

وفي أول استحقاق تواجهه، تعرض الحكومة الخميس، غداة أول مجلس وزراء، القرارات الحكومية بشأن تعديل قانون العمل، والتي تثير تنديداً واسعاً.

وسيواجه الرئيس أول تظاهرة ضخمة في 12 سبتمبر، احتجاجاً على هذا الإصلاح، بينما أعلن حزب «فرنسا المتمردة»، بزعامة جان لوك ميلانشون، يوم تعبئة في 23 سبتمبر، ليكون بمنزلة «اختبار وطني» ضد «الانقلاب الاجتماعي»، الذي يتهم ماكرون بتنفيذه.

وشهدت الأشهر الماضية إعلانات عدة، مثل خفض ميزانية الدفاع، واقتطاع 5 يورو شهرياً من المساعدات السكنية، ومؤخراً إرجاء قسم من التخفيضات، التي وعد بها المرشح ماكرون في المساهمات للضمان الاجتماعي، إلى خريف 2018، وكان لها وقع سلبي لدى الرأي العام، وأعطت انطباعاً بالارتباك داخل الفريق التنفيذي.