عدم تزويد «البترول» لـ «إيكويت» بالغاز بين الشخصانية وسوء الإدارة
المؤسسة تضيّع بعدم التزامها أرباحاً على خزينتها والقطاع الخاص
تساؤلات عديدة تدور حول «إيكويت» أخيراً، إذ تسعى مؤسسة البترول إلى تعيين غير كويتي رئيساً للشركة، إضافة إلى عدم الالتزام بتزويدها بالغاز المتفق عليه.
لطالما استخدمت قيادات القطاع النفطي كلمات مثل دعم صناعة البتروكيماويات في الكويت ودعم القطاع الخاص خلال المؤتمرات، لكن حقيقة الأمر مختلفة تماماً عما يدور على أرض الواقع، وتحديداً في التعامل مع شركة "إيكويت" للبتروكيماويات، وهي النموذج الوحيد في الكويت بنظام الشراكة مع شركة عالمية، بالإضافة إلى شركتين من القطاع الخاص الكويتي.ففي السياق، أكدت مصادر نفطية لـ"الجريدة" أن مؤسسة البترول الكويتية، التي تمتلك 42.5 في المئة من إلشركة، لم تلتزم خلال الفترة الماضية بتزويد "إيكويت" بكمية الغاز "المصاحب" المتفق عليه بينهما في العقد، دون إبداء أي سبب، علماً أن "إيكويت" تدفع سنوياً 510 ملايين دولار قيمة الغاز الذي تستقبله من مؤسسة البترول الكويتية، ويعد المادة الخام لصناعة البتروكيماويات، ما يطرح استفهاماً عن الأسباب التي دعت إلى عدم الالتزام بتزويد الغاز المصاحب، هل هي المزاجية؟ أم أن هناك مشاكل شخصية؟ أم هو سوء إدارة؟وللإشارة فإن أرباح "إيكويت" السنوية تبلغ مليار دولار، وشركة "داو كيميكال"، التي تملك نسبة 42.5 في المئة من الشركة، تدفع 15 في المئة ضريبة على صافي أرباحها، بمعنى أن مؤسسة البترول الكويتية بعدم التزامها بالعقد تضيّع على خزينتها أرباحاً، فهل من المعقول أن يتعمد الشخص اطلاق الرصاص على قدمه؟
نظرة سلبية لـ«إيكويت»
من الأسباب، التي تثير الغموض في التعامل مع شركة "إيكويت" والنظرة السلبية لها من القيادات الحالية، توقعات بأن يكون الرئيس التنفيذي المقبل غير كويتي، وأن تسميه شركة "داو"، وهنا تظهر العديد من علامات الاستفهام في حال تم هذا الأمر، فلمَ في هذا التوقيت؟ وبعد أن حققت الشركة الكثير من النجاحات، وتم تدريب العديد من الشباب الكويتيين منذ تأسيس الشركة على إدارة المصانع واكتساب الخبرة من الشريك، وفي حال تم هذا الإجراء فهي ضربة بالدرجة الأولى تصيب الشباب الكويتيين بالإحباط، وتعني تسرّب الكفاءات التي تم تدريبها سنوات.ولعل البدايات كانت مع إنشاء شركة البترولية المتكاملة "كيبك"، التي استقطبت العديد من الشباب الكويتيين المدربين من "إيكويت"، فهي ضربة قد تكون قاصمة لكيان "إيكويت" بعد الغموض وعدم وضوح الرؤية لصناعة البتروكيماويات في الكويت، خصوصاً أن الشريك "داو" كانت له تجربة غير موفقة مع الكويت "بعد إلغاء مشروع "ك-داو" المعروفة التي انتهت بدفع الكويت الشرط الجزائي بقيمة أكثر من 2 مليار دولار.والتساؤل الآن، هل تعول مؤسسة البترول بخطوتها على تهييج المجتمع الكويتي ضد "داو" التي رفعت قضايا على الكويت للتخلص منها؟ علماً أن "داو" قررت نهاية عام 2014 تقليص مشاركتها في اثنين من المشروعات المليارية المشتركة في الكويت، وقالت الشركة الأميركية، في بيان، على موقعها على الإنترنت، إنها بصدد إعادة النظر وتقليص مشاركتها في المشروعات المشتركة المملوكة للكويت meglobal وgreater equate. لكنها لم تنفذ هذه الخطوة وتراجعت عنها لأن الاستثمار ناجح ولا يتعرض لخسائر حالياً.والاستفهام يتعدى ذلك إلى التساؤل عن وجود أمر آخر، من خلال تضحية "المؤسسة" بمنصب الرئيس التنفيذي وتسليمه لـ"داو" وهو قبول الأخيرة أن تكون شريكة في مشروع الأولوفينات الثالث وتكون فرصة لتعزيز أرباحها. فالأيام كفيلة بأن تظهر نوايا القائمين على القطاع النفطي حالياً. وفي نظرة عامة على صناعة البتروكيماويات في الكويت، نرى أن بوابة نضوج التوجه نحو صناعة البتروكيماويات في الكويت لا تتوافر حالياً، حيث لا تزال تعتبر جزءاً من الصناعة القديمة، وأن من الضرورة مواكبة التطور الصناعي والإسراع في مشروع الأوليفينات الثالث، الذي تم إشباعه بالدراسات واختيار الشريك الأجنبي له إضافة إلى انتظار المضي قدماً في إتمام مشروع مجمع البتروكيماويات في الصين بعد تأخره كثيراً، حيث على مؤسسة البترول اتخاذ القرار المناسب سواء بالمضي فيه أو تعليقه نهائياً.ويطالب الخبراء في صناعة البتروكيماويات "مؤسسة البترول" بتوضيح المواد الأولية لصناعة البتروكيماويات، وما إذا كان هناك توجه لاستخدام الغاز؟ وهل الغاز الذي سيتم استخراجه كاف للصناعة؟ والقرار بذلك سيعطي حرية أكبر للتوسع بالصناعة، وهذا ينسحب أيضاً على القطاع الخاص الممثل بشركتي "بوبيان" و"القرين" للبتروكيماويات، الذي سيكون عاملاً مشجعاً للاستثمار الصناعي في الكويت، مع وجود دعم من قبل "مؤسسة البترول".ويشير الخبراء إلى أن الأمر لا يحتمل الانتظار أكثر، لأن جميع الدول المجاورة تبني وتتوسع في هذه الصناعة والفرص التسويقية تتقلص والتأخر سيضر بالصناعة،لافتين إلى أن المستثمر الأجنبي والقطاع الخاص لن يقدما على أي خطوة إن لم تكن هناك أرقام وقرارات واضحة من قبل مؤسسة البترول فيما يخص المواد الأولية، وهي العامل الجاذب لأي مستثمر علماً أن كل هذه المتطلبات غير متوفرة من قبل المؤسسة، وهذا أمر صعب جداً.الشركات العالمية
وقد يتساءل البعض: هل باستطاعة الكويت المضي في صناعة البتروكيماويات دون الحاجة إلى شريك عالمي في حال خروج "داو" من الكويت؟ الإجابة "لا"، فدور الشريك مهم وله فوائد كثيرة مثل نقل مختلف الخبرات الفنية والإدارية، وعلى سبيل المثال، شركة داو للكيماويات، التي تمثل الشريك العالمي لشركة "إيكويت" لديها خبرات متراكمة في مجال البتروكيماويات نتيجة عملها فيه منذ عدة عقود، حيث إن الشراكة معها، أضافت العديد من الخبرات وخصوصاً في تأسيس نظام وهيكل تنظيمي متكامل في كيفية إدارة مصانع البتروكيماويات، إضافة إلى مختلف العمليات الصناعية والجهات الإدارية والقدرات التسويقية.وإذا عرفنا اليوم في الكويت ماذا نحتاج من الشريك الأجنبي العالمي، فسنكون في موضع متقدم في هذه الصناعة، حيث إن مفهوم الشريك، لا يعني أن يأخذ المنتجات ويتولى تسويقها بشكل منفصل.بمعنى آخر، إن تجربة الكويت كانت جيدة، والإمارات تبنت الفكرة نفسها من خلال دخولها مع الشريك العالمي في التسويق والإنتاج، وانعكست بشكل إيجابي على الكويت، كما أن هناك استفادة كبيرة تتمثل في تدريب شباب الكويت من موظفي شركة "إيكويت" في إدارات ومصانع شركة "داو" لفترة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة، وهو ما تجنيه الكويت الآن، ومستقبلاً في إدارة وتشغيل المصانع وتطوير جميع قطاعات الشركة.ومن المؤكد أن كل شريك أو مستثمر، يحتاج إلى وضوح رؤية العمل من خلال معرفة أسعار المواد الأولية، إضافة إلى معرفة الأهداف خلال السنوات الخمس القادمة، حيث إن هذه الصناعة تعتمد على الخطط طويلة الأمد، ولا ينظر الشريك إلى الاستثمار القصير الأجل في أي دولة خليجية، بل يمتد الاستثمار إلى عمر المشروع، الذي يتجاوز 25 إلى 30 سنة، ويجب أيضاً أن يشعر الشريك العالمي بالطمأنينة، في حال كانت الدولة هي الشريك الآخر، حيث ينظر هذا الشريك العالمي إلى عوامل عديدة، منها الاستقرار السياسي والاقتصادي معاً، وهو ما لم يتوفر خلال السنوات الماضية.
الكفاءات تتسرب من «إيكويت» إلى «كيبك» بسبب غموض المستقبل