أحمد شوقي / حديث متجدد (1)
![د. نجمة إدريس](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1511191571908366400/1511191591000/1280x960.jpg)
فقد أشار معظم الدارسين، فيما يتعلق بالمؤثرات الخارجية، إلى فداحة وثقل مؤثرات الطبقة الأرستقراطية، والوظيفة، والولاء للقصر على أداء شوقي الشعري، وتوجهاته السياسية، وخطه الفكري. ولامه آخرون على تردده وتلكؤه المفرط إزاء المدارس الشعرية الحديثة ذات البُعد الوجداني والنفسي والفلسفي، مثل: الرومانسية والرمزية والسريالية، إبان دراسته وسياحته في فرنسا أواخر القرن التاسع عشر.ويأتي في سياق المؤثرات الخارجية، الخطاب الشعري والنقدي الذي عاصره شوقي، وهو خطاب كان يراوح عند "الإحياء" و"الاتّباعية" التقليدية، ليكون أمنع وأعتى من أن يراوغه شاعر اعتاد على المهادنة والمسايرة، ورغب في القبول والحظوة. أما متغيرات هذا الخطاب في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، على يد جماعة الديوان وجماعة أبولو ونقد طه حسين والعقاد ومحمد مندور وميخائيل نعيمة، فقد جاءت – في رأينا – كقطار متأخر نوعاً ما عن محطة أحمد شوقي وعمره الشعري الذي بدأ بالانحسار وقتئذ، ثم الانتهاء بالموت عام 1932. لكن رغم هذا الكمّ الهائل من المؤثرات الخارجية، التي كان لها أبعد الأثر في صياغة شخصية شوقي الشعرية، الرصينة المقلِّدة، والمستسلمة لتجاذبات الحياة المعيشة، رغم ذلك، يمكن للمتأمل أن يقول بشيء من الاطمئنان إن شرارة البحث عن الذات والرغبة في التفرّد، والخروج من متن "العام" إلى هامش "الخاص"، ظلت نزعة خفية تومض بين حين وآخر كشمعة واهنة تغالب شحوبها وفرادتها في عالم من الرصانة واللياقات الثقافية والعقلانية المفرطة. هذه الشمعة المرهفة التي تومض بشرارة الذاتية، والتي قلما تبين أو يُلتفَت لها فيما اُثر عن شوقي، يمكن اعتبارها من "المسكوت عنه"، أو مما سقط من المتن وتعلّق بالهامش، وقد يُنظَر لها كفضلة القول وهيّنه، مقارنة بالسمت المتحفظ المصقول الذي اتسمت به شخصية شوقي وشعره ومكانته بين شعراء جيله.