«شفتوا شلون»!

نشر في 29-08-2017
آخر تحديث 29-08-2017 | 00:24
 حسن العيسى "شوفوا شلون" نائب الرئيس التنفيذي لشركة سامسونغ، عملاق صناعة الإلكترونيات، "لي"، حُكم عليه من المحكمة الجزئية الكورية بخمس سنوات حبساً بتهم الرشوة والاختلاس والتزوير، وقبله والده الرئيس التنفيذي أدين عام 2008 بتهمة التهرب الضريبي، وهو الآن في المستشفى إثر جلطة قلبية، بل قبلهما عزلت رئيسة البلاد بارك كون - هيه على خلفية نفس الفضيحة.

"شفتوا وشوفوا شلون" كم مرة نقولها أحياناً ونعيدها بحسرة وأسى، قد نتصنع قليلاً في عرض صور الحسرات، وسواء كانت حسرة حقيقية على حالنا أو تم رسمها على معالم وجوهنا كخرائط لثرثرة "دواوينية"، وأحاديث بين أصدقاء في جلسة مسائية، باعتبار أن الديوانية أو "يمعة ربع" هما أعظم وسائل التسلية والترفيه في هذا البلد الجميل لدرجة السأم، نظل نردد هذه العبارة كلما سمعنا عن خبر، يشد إعجابنا وانبهارنا عن دولة القانون، مثل كوريا الجنوبية، فسلطاتها لم تكترث لتاريخ عائلة "لي" في بناء إمبراطورية "سامسونغ"، ولا حجم مساهمة تلك المؤسسة في الاقتصاد الكوري، "شفتوا شلون" لو أنهم بكوريا "صهينوا" على تجاوز "لي" وغيره، وخضعوا لقانون الواسطة والمحسوبية، لما عادت كوريا هي كوريا، ولكان حالها من حالنا أو حال أي من دول العالم العاجز عن مسايرة الركب الحضاري، والتي يظل فيها فراش البلدية هو المتهم المدان دائماً.

لا يمكن تذكر حسرات "شوفوا شلون" في المدونة العربية، وكم مرة باليوم نبقى نجتر حروفها، أدميرال أميركي تقيله وزارة الدفاع لأن مدمرة اصطدمت بسفينة، "شوفوا شلون" حين استقال رئيس وزراء دولة "نسيت اسمها" من كثرة سماع حكايات الصرامة والحيدة في تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير، رغم أنهم هناك في بلدان "شايفين شلون" لا يعرفون الفارق بين الصغير والكبير في المناصب، حين يكون الكلام عن الفساد وتجاوزات مالية في قطاع عام أو خاص.

هناك رئيس وزراء أو رئيس جمهورية أو مسؤول كبير في شركة ضخمة يحاسب ويستقيل ويحال للمحاكمة ويسجن، "شفتوا شلون هناك عندهم" وليس عندنا، الفرق بين هناك وهنا كأسماء إشارة هو فرق بين حياد القانون والانحياز للعائلة والقرابة والطائفة والمعارف والأصدقاء، ولكل من يراد تحميله جميلة، ويتوقع أن يرد لنا الجميل في يوم ما.

تعرفون الفرق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، ليس محصوراً فقط في التاريخ الاستعماري، والتآمر الإمبريالي، وأنظمة حكم مستبدة تعمل كوكيل بالعمولة للغرب، وكم نخشى أن تظل الأسباب السابقة مسوغات تبريرية لبقاء أوضاعنا على حالها المائل، أهم فرق بينهم وبين دولنا، أنهم قدسوا حكم القانون كفكر مجرد غير قابل للمساومة، نظروا للقانون على أنه هو الدولة، وهو الحضارة، وهو الضامن الوحيد لديمومتهم، بينما نقدس هنا النسب والحسب، والعائلة والعشيرة والطائفة، فبقيت "هناك" دولهم، بينما يهدد الزوال "هنا" عالمنا مع أشباه الدول... "شفتوا شلون"!

back to top