اتسمت انطلاقة مهرجانات صيدا في جنوب لبنان بطابع ثقافي، إذ افُتحت المعالم التاريخية والتراثية للعموم من السادسة مساء حتى العاشرة، وشهدت الشوارع التي تربط بينها حركة نشيطة لزائرين ورواد من المدينة وخارجها تنقلوا خلالها بين معلم وآخر.وكانت أولى فعاليات انطلاقة المهرجانات، احتفالية تراثية ثقافية فنية في خان الإفرنج، الذي استضافت باحته الداخلية لوحات تراثية من الدبكة اللبنانية، أحيتها فرقة «زفة لبنان».
وتفاعل الحضور مع الأجواء التراثية وشارك بعضهم ومن بينهم رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في حلقات الدبكة وفي الأنشطة المرافقة، ثم افتتح مع رئيس الحكومة سعد الحريري معرض لوحات للخط العربي والحروفيات نظمته لجنة المهرجانات في القاعة الكبيرة للخان، بالتعاون مع مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة وجمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت، وبمشاركة 30 فناناً من مختلف المناطق.وقال عضو جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت والمشرف على المعرض الفنان زاهر البزري: «يشارك في المعرض 30 فناناً من مختلف المناطق بنحو 73 لوحة تختص بالخط العربي والحروفيات، ويستمر حتى عشية عيد الأضحى المبارك في خان الإفرنج».والهدف من المعرض، كما ذكر البزري، إضفاء بعد ثقافي أكبر على المهرجانات، مؤكداً أن المراكز التراثية مثل الخان وباب السراي وغيرهما يجب أن تكون على مدار العام مساحة تفاعل بين الناس وقلباً نابضاً بالثقافة والفن والحياة.أعقب افتتاح المعرض عزف موسيقى وعرض «المخادعون وبترا». كذلك شملت الليلة السياحية معالم تراثية عدة: مثل ساحة باب السراي (موسيقى شرقية وباراد وجلسات في الساحة التراثية)، وخان صاصي (عزف ساكسوفون لبهاء ملاعب)، وقصر دبانة (عزف عود لفرقة نوا)، ومركز علا- دار علي حمود الأثري (عزف بيانو وفيولون لأنطوني وشانتال شلهوب)، ومتحف عودة (بيانو لنازك كرجية وغيدا السايس)، وكاتدرائية مار نقولا للروم الكاثوليك (عزف على البيانو لرودي فرنسيس وعلى الرق لكيفن معماري وترنيم وغناء ماري عازوري وكريستين نحاس وريتا فرنسيس).وجال الزوار من مختلف الأعمار في هذه المعالم وشاركوا في الأنشطة المرافقة وتناولوا الأطعمة والعصائر التراثية، مع ما رافق الأنشطة من حركة انتقال للرواد والزائرين عبر الأحياء التراثية والقديمة.مهرجانات صيدا السياحية لهذا العام تتضمّن أيضاً في 6 و8 سبتمبر المقبل حفلتين غنائيتين للنجمة المصرية شيرين عبد الوهاب والفنان والموسيقي اللبناني غي مانوكيان، فيما سيخصص يوم 7 منه لعروض موسيقية عالمية للـ Music Hall.
حنين وتنوع وفرح
النشاطات في صيدا أحيت لدى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة حنيناً عالياً إلى كل زاوية ومكان في المدينة القديمة، كما قال، «يذكره بأيام طفولته وصباه، لكن في الوقت نفسه يعتزّ بهذه الحيوية، التي يراها في هؤلاء الصبايا والشباب الذين ينشطون لأجل إظهار الوجه الحقيقي لمدينة صيدا، التي تقوم الآن بعملية نهضوية كبيرة في أكثر من مجال، و«هذه المهرجانات مهمة، ليس على الصعد: الثقافي والاقتصادي والاجتماعي فحسب، بل أيضاً من خلال الأنشطة التي يقوم بها الشباب لجعل صيدا مقصداً لكثير من الأنشطة الثقافية والاجتماعية وغيرها».وأشار السنيورة إلى أن المدينة ستشهد في الأسبوع بعد العيد مباشرة أنشطة سياحية على مدى ثلاثة أيام، تحاكي النجاح الذي تحقّق السنة الماضية في هذا الوقت، وهو امتداد لنشاط قامت به المدينة عام 1960، وكانت آنذاك تلي بعلبك في هذا الشأن، ما يعبِّر عن روحها الوثابة والنهضوية، التي تحب الحياة. وأكّد أن هذه هي صورة صيدا، وليس كما يحاول البعض أن يصوِّرها مدينة تكره الفرح والحياة».النائب في البرلمان اللبناني بهية الحريري حضرت الافتتاح أيضاً وقالت في هذا الشأن: «تبعث صيدا اليوم برسالة أن إرادة الحياة أقوى وأن هذه المدينة لديها مقومات كبيرة، وإرادة من أهلها لتعيش وتوجه رسالة حب وطمأنينة وثقافة وإبداع لكل لبنان، رغم الظروف الصعبة التي نمرّ بها، فإرادة أهلها وشبابها وفتياتها والجيل الجيد أقوى من الصعوبات. وها نحن نرى كيف أن المعالم التراثية تعيش وتضج بالحياة، لأنها تستضيف هذه الأنشطة».بدوره، هنأ ممثل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لجنة مهرجانات صيدا الدولية على «انطلاقة المهرجانات هذا الصيف»، وقال: «كانت تجربتنا السنة الماضية ناجحة رغم التحديات والظروف التي واجهت المهرجانات... وأعتقد أنها هذه السنة ستكون أهم من السنة الماضية».من جهتها، قالت رئيسة لجنة مهرجانات صيدا نادين كاعين: «تؤكد صيدا اليوم أنها مدينة تنوع ومحبة وفرح للجميع، ومن هنا نوجِّه رسالة سلام ومحبة إلى كل الناس ونظهر صورة عن صيدا التاريخ والتراث والفرح، وندعو كل الناس للاحتفال معنا».أضافت: «وضع نجاح مهرجانات العام الماضي صيدا على الخارطة السياحية، وكان تحدياً كبيراً أن نحقق هذا الهدف والإنجاز والحلم، وهذه السنة نريد أن نحافظ على هذا النجاح»، مؤكدةً أن الأصداء جيدة والمشاركة لافتة.