أكّدت ابنة نجيب محفوظ أم كلثوم خلال حوارها في أحد البرامج على القنوات الفضائية، إنهم بمجرد وصول والدها الراحل إلى منزله عقب منحه قلادة النيل عام 1988، اكتشفوا أن الأخيرة مزيفة وليست من الذهب الخالص، وأوضحت: «والدتي قالت هذه ليست ذهباً، وأخذت الجائزة إلى الجواهرجي واكتشفت أنها فضة مطلية بالذهب، وتأكدت أنها مغشوشة، ووالدي لم يهتم بالأمر».وأثير الموضوع بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رفض مثقفون كثيرون هذا التصرف وطالبوا بأن ترد الدولة الاعتبار إلى أديب نوبل، مؤكدين أن هذا التصرّف نوع من الاستهانة بشخص نجيب محفوظ.
وذكر الأديب إبراهيم عبدالمجيد: «قلادة النيل الفالصو التي أعطيت لنجيب محفوظ تعبِّر عن استهانة المسؤولين به. والسؤال هنا: من كان المسؤول عن تجهيزها؟». بدوره قال الناقد د. حسين حمودة، أستاذ الأدب في جامعة القاهرة: «أتصور أن قلادة النيل التي حصل عليها الروائي العالمي نجيب محفوظ، وإذا كانت من الذهب أو من أي معدن آخر، ليست أمراً مهماً، إذ يتعلق بالجانب المادي لهذه الجائزة وليس بقيمتها»، مشيراً إلى أن محفوظ نفسه لم يكن مهتماً بذلك، بالإضافة إلى أنه لم يتكلم في هذا الشأن أبداً خلال حياته. من ثم، ليس من حقنا أن نتحدث نحن عنه.
أين المتحف
من جهة أخرى، وفي ذكرى محفوظ الذي رحل عن عالمنا في 30 أغسطس 2006، تخرج تصريحات المسؤولين، كما كل عام، لتؤكِّد افتتاح متحف أديب نوبل خلال أشهر قليلة، إلا أن هذه الوعود لم تتحقق حتى الآن.منذ أيام قليلة زار وزير الثقافة الكاتب حلمي النمنم ووزير الآثار د. خالد العناني متحف نجيب محفوظ، الذي يجري تجهيزه في تكية «محمد بك أبو الدهب» بمنطقة الأزهر، وأعلن وزير الثقافة خلال الزيارة أن افتتاح المتحف أصبح ضرورة ثقافية ملحة، خصوصاً أن العام المقبل ستمرّ 30 سنة على حصول نجيب محفوظ على الجائزة العالمية وستقيم الوزارة احتفالاً أدبياً كبيراً بهذه المناسبة في المتحف الذي سيفتتح خلال أشهر قليلة.وقال رئيس صندوق التنمية الثقافية د. أحمد عواض إن المتحف لن يُفتتح خلال ذكرى وفاة أديب محفوظ الحادية عشرة اليوم الواقع فيه 30 أغسطس الجاري، مؤكداً أن تأخر رد الآثار على الموافقة على التجهيزات تسبّب في التأجيل، متوقعاً أن يكون الافتتاح خلال الأشهر القليلة المقبلة.الروائي يوسف القعيد، صديق الراحل نجيب محفوظ، أكّد أن افتتاح المتحف الخاص بالروائي العالمي لا يكفي للاحتفاء به، مشيراً إلى أن ذلك لا يجب أن يكون نهاية المطاف أو منتهى طموحنا وآمالنا، مطالباً بأن تنتج الدولة عملاً ضخماً وراقياً ومحترماً عن سيرة حياة الأديب العظيم.قال القعيد: «يستحق نجيب محفوظ أن توضع صورته على العملة مثلما يفعل بعض الدول لكبار مؤلفيه ومبدعيه وفنانيه تخليداً لذكراهم و لإبداعاتهم»، وتابع: «محفوظ، هو العربي الوحيد الذي حصل على «نوبل»، فكيف لا توضع صورته على العملة المصرية؟».من جانبه، قال الروائي والقاص طارق إمام حول تأخر افتتاح متحف أديب نوبل إن «هذا الأمر لا يليق بمبدع بثقل نجيب محفوظ»، مؤكداً أنه إهانة لتاريخه الأدبي الطويل وأن الاحتفال والاحتفاء بأديب نوبل أصبح نمطياً وروتينياً لا يحمل أي جديد، مشدداً على ضرورة ترجمة أعماله إلى لغات عدة كي يتعرّف إليه العالم، مؤكداً أننا لا نستطيع تكريم أدبائنا ومبدعينا بالشكل الذي يستحقونه.تكية أبو الدهب
أدّت البيروقراطية والروتين إضافة إلى الاتهامات المتبادلة بين وزارتي «الثقافة» و«الآثار» بعدما استولت الأخيرة على أحد طوابق وكالة «محمد بك أبو الدهب» لصالحها ووضعت يدها عليها، إلى تأخّر افتتاح متحف نجيب محفوظ، رغم اتخاذ قرار إنشائه في جنازة الكاتب الراحل منذ 11 عاماً، ما جعل المشروع يتعثّر، وعاق العمل فبحثت «الثقافة» عن بديل إلا أنها فشلت وارتضت بالأمر الواقع لكن بعد إهدار كثير من الوقت.يشار إلى أن تكية «محمد بك أبو الدهب»، مقر متحف نجيب محفوظ، شيدت عام 1187هـ لتكون مدرسة تساعد الأزهر في رسالته العلمية، على يدي «محمد بك أبو الدهب» أحد أمراء مصر وولاتها. وتتمتع بموقع فريد في منطقة الأزهر، فهي تطل على جامع الأزهر من واجهته الجنوبية الشرقية، وعلى شارع الإمام محمد عبده من واجهته الجنوبية الغربية، ورممت بشكل متكامل على مدى ستة أعوام، بتكلفة بلغت 20 مليون جنيه، وتم إنشاء وحدات إضاءة على هيئة مشكاوات تلائم العصر العثماني، مأخوذة من النموذج الموجود في مسجد محمد علي في القلعة.