لطالما حملت الأوراق الدبلوماسية المقدمة للاجتماعات التشاورية لقمم مجلس التعاون الخليجي ومؤتمرات الجامعة العربية أفكارا ومقترحات استراتيجية وتنموية، وإن كانت تلك الرؤى قد ارتكزت على الإعلام والسياسة الخارجية فقط، ولم تتطرق لرسم آلية لاحتواء الخلافات، لكنها استطاعت أن تضمن استمرارية المنظمات الإقليمية في عالمنا العربي. ومن ضمن القضايا اللا محدودة التي طرحت على مائدة قادة الدول الخليجية والعربية والتي شكلت آلية لاختبار قدرات المؤسسات الدبلوماسية في عالمنا العربي الأزمة السورية، فقد كانت بمثابة اختبار لقدرات وزراء الخارجية العرب، بل لآلية الجامعة العربية ومنظومة مجلس التعاون الخليجي لإيجاد حل توافقي، وكانت بمثابة اختبار لقدرة راسمي السياسة الخارجية على صياغة مبادرة لحماية الشعب السوري من سيناريو الحرب الأهلية والهجرة المليونية إلى الخارج، والتي تسببت في خسارة العالم العربي لشعب قد عرف بكفاءته الإنتاجية العالية، واحترافه للأعمال الناجحة، وما زال البحث عن مخرج لصيغة ناجحة للمبادرة مستمراً، فهل سنصل إلى تلك الصيغة خلال القمة الخليجية القادمة، والتي باعتقادي هي قمة التحدي أي تحدي الخلافات الخليجية والاستمرار بمنظومة مجلس التعاون؟
ومن سورية إلى مصر، فالشأن المصري قد نوقش خارج إطار المنظمات الإقليمية، ومع انظلاق الربيع العربي بمصر اتفقت التيارات على هدف واحد وهو اختزال سوء إدارة البلد والفساد في شخصية واحدة، وفور انطلاق الثورة انطلق ماراثون الهيمنة على المشهد السياسي، وهنا أيضا لم تستطع منظومة جامعة الدول العربية أن تتدخل، فاعتبرت عارضا محليا، تاركة المشهد المحلي في القاهرة ليقوم بحركة تصحيحية، استهدفت إعادة تشكيل الواجهة الاستراتيجية للدولة. وأذكر مقالي الذي كتبته حول مصر والربيع العربي آنذاك، قد اختتم بمبادرة مقترحة، وهي مساعدة شباب مصر ذوي التعليم المتميز في دخول بيئة العمل في دول الخليج، ولم يخطر على البال أن يأتي اليوم الذي تتحول من خلاله الكوتا الوظيفية إلى استهداف للجنسيات العربية والأجنبية، وكأن الإحلال هو الوسيلة الوحيدة للإنتاجية المشتركة. وللحديث بقية.كلمة أخيرة: انتشرت كلمة «السيبراني» مؤخراً لتدل على النهج التقني والإلكتروني، وبذلك يصبح التعليم السيبراني عنوانا للمرحلة المقبلة.
مقالات
الدبلوماسية وتحدي الخلافات
30-08-2017