وسط ظروف استثنائية وأجواء مشحونة تمر بها المنطقة وخاوف أمنية تسود العالم، يدشن ضيوف الرحمن أول مناسك الحج اليوم بالصعود إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، في أجواء إيمانية مهيبة، قدموا إليها من جميع بقاع الأرض تلبية للنداء وطمعاً في اقتناص الأجر والغفران.

وفي يوم التروية يتوجه الحجيج إلى منى، قبل الزوال أي قبل ظهر الثامن من ذي الحجة، حيث يصلون هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وأخيرا فجر يوم وقفة عرفات، قاصرين الصلوات الرباعية دون جمع.

Ad

ويوم التروية هو الثامن من شهر ذي الحجة، وسمي بهذا الاسم لأن منى كانت محطة بين مكة وجبل عرفات «يرتوي» بها المسلمون بحصة ماء، ويستريحون فيها قبل توجههم إلى صعيد عرفات.

وفي إطار تأمين المناسك، جهّزت قيادة قوات الدفاع المدني بالسعودية، أمس، عدداً كبيراً من الدراجات النارية بأحدث التجهيزات، ومنها وسائل الإطفاء والاتصال وتمرير البلاغات لاحتواء الأحداث الطارئة في بدايتها وقبل تفاقمها، إضافة إلى عملها في الإشراف الوقائي ومتابعة اشتراطات السلامة في جميع منشآت إسكان الحجاج ومخيماتهم بالمشاعر وكافة أماكن وجودهم.

خطة الطوارئ

ووفقا لخطة الطوارئ، تبدأ مهام فرق الدراجات النارية قبل وصول الحجيج إلى المشاعر وتشمل القيام بدوريات السلامة للكشف والتفتيش عن أي مخالفات في المخيمات، وتتولى كل فرقة متابعة مساحة جغرافية محددة، للتأكد من استيفاء جميع الاشتراطات، مستفيدة من قدرة الدراجين على اختراق الزحام والاختناقات المرورية والوصول السريع إلى مواقع الحوادث خصوصاً في المناطق الضيقة بمخيمات الحجاج والمناطق الجبلية، وتم تجهيز الدراجات النارية بوسائل الإطفاء والاتصال وتمرير البلاغات لأقرب الوحدات الميدانية، إضافة إلى تنفيذ أعمال الإطفاء في حرائق المركبات والمخيمات في بدايتها وقبل تفاقمها.

وفي وقت سابق، أعلن قائد المركز الوطني للعمليات الأمنية بمنطقة مكة المكرمة، اللواء الركن عبدالرحمن الصالح، أن مركز بلاغات الطوارئ (911) أكمل استعداداته، ويتلقى يوميا 65 ألف طلب منذ بدء الموسم، موضحا أنه مزود بقسم للترجمة، ويعمل بـ6 لغات مختلفة حتى يتم التيسير على الحجاج غير الناطقين باللغة العربية.

انتشار الأوبئة

إلى ذلك، أعلن المدير العام للجنة الحج بوزارة الصحة السعودية، حسين الغنام، ورئيس هيئة الهلال الأحمر، محمد القاسم، الاستعداد للتعامل مع مرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا)، وكذلك حوادث التدافع خلال موسم الحج الحالي والتصدي لانتقال الكوليرا عبر الحجاج اليمنيين. وأكد الغنام أن المملكة لم تسجل أي حالات وبائية بمناطق الحج حتى الآن أو خلال المواسم السابقة، مشيرا إلى أن وزارة الصحة زادت عدد الطبيين المشاركين في خدمة الحجاج هذا العام، لمواكبة الزيادة في عدد الحجاج، وتشارك بأكثر من 30 ألف ممارس صحي بزيادة قدرها 4 آلاف فرد مقارنة بالعام الماضي.

حوادث تدافع

وتشارك أيضا بخمسة وعشرين مستشفى تسع لأكثر من 5 آلاف سرير، من بينها 500 سرير عناية مركزة و550 سرير طوارئ، إضافة إلى غرف مجهزة لعلاج ضربات الرأس بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وأكد الغنام أن الوزارة استعدت أيضا لوقوع أي حوادث تدافع خلال الحج. وقال: «هناك أسطول طبي متكامل من سيارات لإسعاف طبي صغيرة ومتنقلة، وتعتبر كل سيارة عناية مركزة تشمل كافة التجهيزات، ويجوب إسعاف الطوارئ الشوارع والطرق بين المخيمات في منى، وهناك إسعافات مساندة لها بالتنسيق مع هيئة الهلال الأحمر».

أبراج اتصال

بدورها، أعلنت هيئة الاتصالات السعودية، أمس، أن إجمالي عدد الأبراج لموسم الحج لهذا العام في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة بلغ 9212 برجا، موضحة أن ذلك يأتي لضمان تغطية الاتصال عبر الجوال، وتوسيع تغطية البيانات، إضافة إلى تغطية جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية والطرق والمواقيت بكامل خدمات الاتصالات والإنترنت لخدمة ضيوف الرحمن.

حجاج قطر

في غضون ذلك، تراجعت أعداد القطريين الذين يؤدون مناسك الحج هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، رغم إعلان الرياض تقديم تسهيلات كبيرة لهم، منها فتح حدود المملكة البرية مؤقتا.

وبحسب عضو في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، فإن التقديرات «تفيد بأن 60 إلى 70 عبروا الحدود الأسبوع الماضي»، مشددا على أن هذا العدد «ليس رسميا بعد، فنحن ننتظر التقديرات الرسمية».

في مقابل ذلك، أفادت وسائل إعلام سعودية بأن أعداد الحجاج القطريين وصلت إلى أكثر من 1200 شخص، بانخفاض كبير مقارنة بأدء نحو 12 ألف قطري مناسك الحج العام الماضي، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (قنا).

حجاج إيران

وفي وقت لاتزال العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين طهران والرياض، وصل عشرات آلاف الإيرانيين إلى السعودية لأداء فريضة الحج، بعد إقدام سلطات إيران على منعهم من المشاركة العام الماضي، لأول مرة منذ ثلاثة عقود.

وبعد أشهر من المفاوضات، سمح بتسيير رحلات إيرانية خلال موسم الحج، وتم منح تأشيرات الدخول عبر الإنترنت. وسمحت الرياض برحلات «إيران للطيران»، وبنقل قسم من الحجاج الإيرانيين في طائرات شركة الخطوط السعودية، كما وافقت على تقديم خدمات قنصلية إيرانية في المملكة خلال موسم الحج.

وبحسب السلطات الإيرانية، يشارك أكثر من 86 ألف إيراني في موسم الحج هذه السنة. ووافقت إيران على أن يضع حجاجها أساور إلكترونية للتعرف عليهم في حال وقوع حوادث. وتحمل هذه الأساور المصنوعة في إيران معلومات حول هوية الحجاج، ويمكن ربطها بالهواتف الذكية من أجل الوصول إلى البيانات التي تتضمنها.