الداعم الأكبر

نشر في 30-08-2017
آخر تحديث 30-08-2017 | 00:19
 صالح القلاب عندما يقول يحيى السنوار، مسؤول "حماس" في قطاع غزة، إن إيران هي "الداعم الأكبر" للجناح العسكري لهذه الحركة فإن مسألة الانفتاح على نظام بشار الأسد، وإعادة الأمور معه إلى ما كانت عليه قبل عام 2011 تصبح قراراً إيرانياً بيد قاسم سليماني وحراس الثورة الإيرانية، وليس بيد إسماعيل هنية، ولا خالد مشعل، ولا أي مسؤول "حمساوي" آخر... والمثل يقول "اطعم الفم تستحي العين"، وهنا أغلب الظن أن علاقات حركة المقاومة الإسلامية مع دمشق لم تنقطع إطلاقاً، طالما أنه بقي لها سفير دائم في ضاحية بيروت الجنوبية هو أسامة حمدان، على مدى الأعوام الستة الماضية، وأكثر.

ولعل ما يبعث على الضحك حتى الاستلقاء على الظهر فعلاً هو أن هذا السنوار قال، بعد أن أكد مجدداً أن حركته ضاعفت قدراتها العسكرية نتيجة الدعم الإيراني، "نحن نراكم ونطور قوتنا العسكرية التي تضاعفت لأجل تحرير فلسطين وحق العودة... وإيران هي الداعم الأكبر، والعلاقة معها أصبحت ممتازة جداً"، وهكذا وكأن الإيرانيين الذين ينهمكون في كل هذه الحروب الطاحنة في العراق وسورية واليمن ولبنان لا ينامون الليل انشغالاً بالقضية الفلسطينية التي من أجلها لم يترددوا في الاستنجاد بنتنياهو، هذا ما غيره، عندما كان رئيساً للوزراء عام 1999، لتزويدهم بالسلاح الذي كان يحتاجه حراس الثورة للتدخل في الدول العربية المجاورة.

المعروف أن "الداعم الأكبر" لحركة حماس هو من فرض عليها الانسحاب من اتفاقية مكة المكرمة، بعد ساعات قليلة من توقيعها، وهو من ألزمها بانقلاب عام 2007 العسكري على "فتح" و"السلطة الوطنية" و"منظمة التحرير"، وإلقاء مَن هم من المفترض أنهم رفاق سلاح من فوق أبراج غزة العالية، وكل هذا في حين أن هذا "الداعم الأكبر" هو من يمنع أي مصالحة فلسطينية – فلسطينية، وهو من دفع ويدفع حركة المقاومة الإسلامية إلى التدخل في شؤون مصر الداخلية، ومساندة الإرهاب الذي بقي يضرب هذه الدولة منذ سقوط نظام الإخوان عام 2013 وحتى الآن.

عندما ظهرت حركة حماس عام 1987، بعد غياب طويل للإخوان المسلمين عن هذه القضية المقدسة، ساد اعتقاد بأن قوة فاعلة جديدة ستضاف إلى منظمة التحرير وإلى العمل الوطني الفلسطيني، الذي كان في نهايات عقد ثمانينيات القرن الماضي قد انتقل انتقالة نوعية بالفعل، لكن للأسف سرعان ما ثبت أن هذا الرهان كان خاسراً وخائباً، إذ ثبت أن هدف هؤلاء الوافدين الجدد هو التخلص من منظمة التحرير، وهو اعتراض وثبة الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، وإشغال القيادة الفلسطينية عن تحقيق أي إنجاز في اتجاه الدولة المنشودة بالمناوشات الجانبية، وهذا تجسد كمواجهة عسكرية بعد فترة قصيرة من عودة ياسر عرفات (أبو عمار) رحمه الله إلى قطاع غزة، ولاحقاً إلى الضفة الغربية.

والآن إذ يصبح اصطفاف "حماس" وجناحها العسكري، إلى جانب إيران "الداعم الأكبر"، معلناً فإن هذا يعني أولاً أن هذه الحركة غدت جزءاً من كل هذه الحروب التي تشنها إيران على العرب كعرب، وأنه يعني ثانياً أن الإخوان المسلمين كلهم بدون استثناء باتوا أتباعاً لطهران، ممثلة في صاحب دويلة ضاحية بيروت الجنوبية حسن نصرالله، والحشد الشعبي، وقاسم سليماني، وزعيم الحوثيين باليمن عبدالملك الحوثي، الذي يعتبر نفسه ظل الله على الأرض... واستغفر الله العظيم!

back to top