مواجهة جديدة برزت الآن بين الكويت والمنظمات الدولية الرياضية، بعد رفض الأخيرة "رسمياً" الاعتراف بالقرارات الصادرة من اجتماع الجمعية العمومية غير العادي للأندية الـ11 التي تداعت إلى طلب الاجتماع للخروج من الفراغ الذي خلّفه انتهاء مدة اللجنة المؤقتة لاتحاد كرة القدم، وحل هيئة الرياضة الاتحاد السابق الذي يترأسه الشيخ طلال الفهد.

تدرك الحكومة، ومعها مجلس الأمة، أن المواجهات السابقة "فشلت"، ولم تحقق أي تقدم خلال السنوات الخمس من عمر الأزمة الرياضية باتجاه الحل أو الحلحلة، وأن كل الخطوات التي اتخذاها اصطدمت بثلاثة شروط ثابتة في كل مخاطبات المنظمات الدولية إلى الكويت، إلغاء "القوانين المتعارضة" مع الميثاق الأولمبي الدولي، وعودة الاتحادات المنحلة، إلى جانب التنازل عن القضايا المرفوعة في الخارج ضد تلك المنظمات.

Ad

خلال السنوات الخمس الماضية، لم تملك السلطتان التشريعية والتنفيذية رؤية واضحة أو استراتيجية للتعامل مع هذه الأزمة رغم معرفتهما بالخصم وحلفائه ونقاط قوته وضعفه، في وقت كان من السهل على ذلك الخصم، عبر أدواته الدولية، كشف تسلل معظم تلك التحركات المحلية، فتارة تعدلان القوانين ثم تلغيان التعديل، وتارة أخرى ترفعان دعاوى خارجية، ثم تنكصان معلنتين الاستعداد للتنازل عنها.

لذا، فإن كرة الأزمة اليوم، بعد مرور كل تلك السنوات والتحركات والمحاولات، لا تزال ثابتة عند نقطة البداية، بعد أن استبدلت السلطتان استراتيجية التخطيط بنظرية "التجربة والخطأ"، والدخول في مقامرات غير محسوبة العواقب كما حدث عند إحالة الاتحادات المحلية إلى النيابة بتهم مخالفات مالية، وهي خطوة لم يعد بالإمكان التراجع عنها بعد أن أصبح المال العام ضحية، ودخل القضاء طرفاً في القضية، في حين يعد ذلك التراجع شرطاً دولياً أساسياً لرفع الإيقاف.

قد يكون من السابق لأوانه التكهن بنتائج التحرك الأخير للأندية الرياضية، وإن كانت الآمال معقودة على تحقيقها الهدف برفع الإيقاف الدولي عن كرة القدم الكويتية على الأقل، ولكن لا يمكن في الوقت ذاته تجاهل حقيقة أن هذا التحرك "تجربة أخرى" تعرضت لهزة مبكرة برفضها دولياً، وبالتالي فهي معرضة للفشل أو النجاح.

القول بأن هناك خيارات أخرى أمام السلطتين والأندية إذا رفض "الفيفا" قرارات الجمعية العمومية، لم يعد مبرراً أو مقبولاً أمام الشارع الرياضي الذي عاش تجارب كثيرة جاءت نتائجها مخيبة للآمال، وبالتالي فإنه لم يعد أمام الطرف الكويتي إلا طريقان لا ثالث لهما، إما رفع راية الاستسلام والجلوس إلى طاولة المفاوضات وتنفيذ المطالب، أو تأكيد ثقته بخطواته وقراراته، والمضي قدماً في مواجهة خصمه محلياً ودولياً، وفي كلا الحالين فإن الثمن سيكون باهظاً على السلطتين، ولا يحتمل مجدداً نظرية "التجربة والخطأ".