الأقليات... ماذا فعلت بنا؟!
يقف اليوم حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفة في أهم شعائر فريضة الحج، ومن خلفهم قلوب أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، فيما يعيش المسلمون أكثر أيامهم ضعفاً وحرجاً، وخاصة المسلمين العرب، الذين يمثلون مهد الإسلام ولغة قرآنه وعشيرة نبي الدين الخاتم والمُكمل لكل الأديان السماوية محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام.وبينما يقف الحجاج على عرفة، متآلفة قلوبهم وأرواحهم في وحدة عبادة الخالق الواحد رب البيت والعباد، يتقاتل المسلمون في طوائف وعرقيات وملل مختلفة، ويشوه مسلمون آخرون منحرفو الفكر وشاذو العقيدة الدين الإسلامي بالذبح والتفجير والدهس، ويستمر استخدام الأقليات في مشاريع تفتيت الأمة والاقتتال بين أبنائها.
فها هم أعداء المسلمين يستخدمون الأقلية العلوية في سورية لتدمير الشام وتفتيتها، بالتعاون مع الأقلية الشيعية السياسية في لبنان، وكذلك الأقلية السلفية السُنية المتشددة ضمن تنظيمات داعش وأخواتها من "النصرة، وجيش الشام، وجيش الإسلام... إلخ"، إضافة إلى حركات الإسلام السياسي، التي تسببت في كل تلك الفوضى، ومازالت تتجاذبها الأيادي الخارجية، لاستخدامها في تخريب الأمة الإسلامية، وتشويه سمعتها وإضعافها، لتبقى في صراعات الماضي، ولا تنطلق للتحديث واللحاق بركب التطور والمدنية.وها هو الغرب يعيد إنتاج زعيم نظام الأقلية العلوية في سورية بشار الأسد، ليُكمل مشواره في هدم سورية، بالتعاون مع حزب الله و"المخابيل السلف"، وهو ما أثبتته مسرحية عملية "فجر الجرود" في شرق لبنان، وأيضاً استخدام إيران للميليشيات العراقية في السياق نفسه، بالإضافة للعب على عواطف الأكراد وجرّهم إلى عملية عسكرية- سياسية في توقيت خاطئ سيكونون هم أول الخاسرين منها على المديين المتوسط والبعيد.في يوم عرفة العظيم نستذكر أن جميع ملفاتنا كمسلمين، وعلى وجه الخصوص العرب منهم، نخسرها في لبنان والعراق وليبيا وسورية واليمن، ويزيد تشويه الإسلام، ومحاصرة أبنائه بالتهم والصفات الإرهابية، وتتراجع قدرات دولنا الاقتصادية والإنتاجية، وكل محاولاتنا لتحديث الفكر الإسلامي وتنقيته من الخرافات والتشدد والغلو تراوح في مكانها، وأنظمتنا السياسية متخلفة عن العالم بأكثر من نصف قرن، من حيث الديمقراطية وتداول السلطة ومحاربة الفساد. فما لنا ونحن نعيش هذا الواقع الأليم إلا أن نرفع صوتنا بالدعاء في هذا اليوم المبارك: اللهم ارفع عنا هذه الغمة وعجِّل علينا بالفرج... اللهم آمين.