هناك العديد من العوامل عندما تحدث تساهم في تغيرات أسعار النفط، فحصول تطورات دراماتيكية في الأحداث الجيوسياسية أو تسبب موجات الأعاصير في توقف بعض المنشآت النفطية بالولايات المتحدة، لاسيما في خليج المكسيك، لفترة طويلة، كلها تنعكس حتما على أسعار النفط وتساهم في ارتفاعها.

وإذا نظرنا إلى عام 2012 نرى أن الأحداث الجيوسياسية كانت السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار النفط، وكانت التوقعات آنذاك على أن أي تطور في شأنها قد يصل بالأسعار إلى مستويات تفوق 140 دولارا أو أكثر من ذلك.

Ad

ومن المتوقع أن تكون موجة الأعاصير التي تشهدها الولايات المتحدة الاسوأ منذ سنوات، وربما تلعب دورا مهما في ارتفاع الاسعار على المدى المتوسط، لاسيما في حال إغلاق منشآت نفطية، وتعطل امداد الاسواق بإنتاجها.

وإذا نظرنا إلى الوضع الحالي فإن العوامل متشابهة، لاسيما وجود إعصار هارفي، وتأثيره الواضح على الصناعة النفطية، إضافة إلى التوترات السياسية، وما تقوم به كوريا الشمالية، مع استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط، وانهيار اقتصاد فنزويلا، العضو في منظمة «اوبك»، والتي تسعى عبر زيارات وزير نفطها لإقناع الأعضاء بخفض الإنتاج في الاجتماع المقبل، ومع ذلك لم ترتفع أسعار النفط وبدت متأرجحة بين 50 دولارا وما دونها.

وعادة ما تقود عوامل الاضطراب الجيوسياسي توجهات المستثمرين في أسواق المال والطاقة. وفي مثل هذه العوامل، كان من المتوقع أن يتحول المستثمرون وصناديق التحوط من الأسهم والسندات إلى المضاربة على شراء العقود المستقبلية للنفط ومشتقاته، لكن هذا لم يحدث بناء على معطيات الأسعار والصفقات المنفذة في بورصة «وول ستريت»، حسبما أوردت شركة «إس سي إس كومديتز» الأميركية، التي لاحظت ان «بعض الصناديق باعت بعض عقودها بدلا من أن تشتري عقودا جديدة».

والسؤال: لماذا لم تقفز أسعار النفط كما كان يحدث في السابق، في ظل وجود العوامل الجيوسياسية والطبيعية؟

انقطاع الإنتاج

في هذا السياق، قال خبير النفط الكويتي محمد الشطي لـ«الجريدة» إن التصعيد السياسي يسهم وبشكل كبير في دعم أسواق واسعار النفط، ويدعم تماسكها، لكن يجب التنبه الى أمرين: التصعيد السياسي إذا أسهم في انقطاع الانتاج بكميات كبيرة ووقت أطول يسهم في رفع أسعار النفط، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنذ عام 2014 الصورة تغيرت كثيرا بسبب وجود تخمة في المعروض أسهمت في إيجاد فائض كبير في المخزون النفطي، لذلك اي انقطاع مؤقت يكون أفضل ويدعم جهود اوبك والمنتجين المستقلين لاستعادة توازن أسواق النفط وعودة المخزون النفطي الى المستويات الطبيعية، وهنا نجد الانتاج من ليبيا وتأثيره على مسار أسواق واسعار النفط سواء عندما يتأثر الانتاج أو يعود الانتاج الى مستويات عالية.

جهود فنزويلا

وحول جولات فنزويلا لأعضاء منظمة الدول المنتجة للنفط قبل اجتماع «أوبك» المقبل أشار الشطي إلى ان جهود فنزويلا منذ بداية الاتفاق على خفض إنتاج النفط واضحة في تقريب وجهات النظر والتنسيق لتنفيذ الاتفاق، خصوصا ان فنزويلا عضو فاعل في اللجنة الوزارية لمتابعة تنفيذ الاتفاق واللجنة الفنية، وهي تعمل وفق الإطار العام لتحقيق التعاون بين مختلف المنتجين لتحقيق استقرار الاسواق وسحب الفائض في المخزون النفطي.

وبين ان هذه الجهود تسبق الاجتماع المقرر في فيينا 20 و 22 سبتمبر الجاري، والذي يعول عليه الكثير في الخروج بتوصيات تسهم في تسريع وتيرة تعافي الاسواق والاسعار وفي ذلك مصلحة لكل المنتجين وأداء الاقتصاد العالمي.

المخزون النفطي

وبشأن توقعاته للأسعار في الفترة المقبلة، وتحديدا سعر البرميل الكويتي، قال الشطي إنه على مدار الأيام السابقة منذ يوليو وخلال أغسطس وأكثر من تسعة أسابيع متواصلة تحققت معها تغيرات كبيرة من المخزون النفطي الاميركي، جاءت بشكل جزئي نتيجة خفض مبيعات اوبك للسوق الاميركي، وبسبب ارتفاع معدل تشغيل المصافي الاميركية، أسهمت في تعافي أسعار النفط من جديد وتأرجح النفط الكويتي من جديد حول 47 دولارا للبرميل، حيث كان السوق يحتاج الى دليل على تحقق استعادة توازن السوق النفطي.

واضاف ان إعصار هارفي في اميركا جاء ليتسبب في إغلاق 3 ملايين برميل من طاقة التكرير في اميركا، ما يعني ضعف الطلب بهذا القدر، ويسهم في عودة بناء المخزون من جديد، إضافة الى ان موسم ذروة استهلاك البنزين في اميركا سينتهي كذلك، وهو يعني ان أسعار النفط الخام الكويتي ستبقى ضمن المستويات الحالية، بين 46 و 48 دولارا خلال الأشهر المقبلة، بانتظار مؤشرات جديدة من السوق حول تطور أساسيات السوق او أي مبادرات جديدة من المنتجين، وكذلك متابعة انتاج النفط الاميركي.