من دولة الرفاهية إلى الدولة البوليسية!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
في الدول المتحضرة حيث الحكومة تحترم نفسها قبل الجميع ثم تحترم شعبها عادة ما تتزامن سياسات التقشف الاقتصادي مع إطلاق المزيد من الحريات العامة والشخصية، أولاً لفتح باب التنفيس للناس منعاً لأي انفجار للغضب الشعبي على مضايقته في لقمة عيشه وحرمانه من المزايا التي كان يتنعم بها، وثانياً لخلق توازن بين الاقتصاد والسياسة، حيث إن توسيع دائرة الحريات يعني استعداد الحكومة لقبول الرقابة الشعبية على تصرفاتها ضماناً لمبدأ الشفافية ولبيان أنها القدوة الأولى في مسار الإصلاح.أما الحرمان الاقتصادي والمصاحب للحرمان السياسي فينتج عنه مفهوم الحرمان النسبي الذي يتحول بدوره إلى الانفجار الشعبي كما في العديد من التجارب الأممية القديمة والحديثة، فموس الحكومة على رؤوس الناس مع تكميم أفواههم هو اللعب بالنار.إن تعامل الحكومة، وبتحريض من وزيرة الشؤون، مع نجاة القلاف وعلي الثويني، هدفه واضح، حيث تسعى الوزيرة إلى نسف قانون رقم 10 لسنة 2010 بشأن المعاقين وإلغاء المزايا التي تحققت لهذه الشريحة المستضعفة بعد عناء وصبر طويلين، وكأنها تصرف عليهم من جيبها الخاص، وكنا نتمنى هذا الاستبسال من السيدة الوزيرة للتصدي للفساد في وزارتها واستهتار القيادات التي اختارتها من خارج رحم التخصص والكفاءة لإدارة شؤون المعاقين حتى بالدوام والحضور، وهو أضعف الإيمان، ناهيك عن أضحوكة جيش المستشارين التي ابتدعت في عهدها.أما الرسالة الأهم من هذه التصرفات الأمنية الجديدة فهي إعلان سياسة القمع المباشر وبدء عهد الدولة البوليسية وتكميم الأفواه، التي أصدرت الحكومة لها جملة من القوانين المجحفة، وبدأت فعلياً بإغلاق القنوات الفضائية والصحف اليومية، لتنتقل الآن إلى كتم أنفاس كل مواطن، ويبقى أن نجاح الحكومة في بسط هذه الحالة البوليسية دون حسيب ولا رقيب مؤشر واضح على خيبة مجلس الأمة وضعفه وتقاعسه عن الانتصار لحقوق الناس بما نراه من صمت الكثير من أعضائه صمت القبور!