«خطأ» الرئيس ماكرون!

نشر في 01-09-2017
آخر تحديث 01-09-2017 | 00:24
 صالح القلاب في خطابه "العرمرمي"، الثلاثاء الماضي، الذي حدد فيه توجهات السياسة الخارجية لفرنسا، وقع الرئيس إيمانويل ماكرون في سوء تقدير واضح، باعتبار أن التنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران هو سبب الأزمة الخليجية، ويقيناً لو أن الرئيس الفرنسي، الذي يسعى كما قال إلى دور قيادي لبلاده في العالم، أعطى لنفسه وقتاً كافياً لمزيد من الاطلاع على الصراعات المحتدمة في هذه المنطقة الشرق أوسطية لما ذهب إلى هذا الاستنتاج الخاطئ الآنف الذكر الذي ذهب إليه.

إن المعروف والمؤكد، وهذا ما يتباهى به كبار المسؤولين الإيرانيين، ويتحدثون عنه باستكبار وخيلاء دائماً وأبداً... وعلى الطالع والنازل، هو أن الجناح المتطرف في دولة الولي الفقيه، الذي غدا القرار الوحيد في طهران هو قراره، قد أقفل ليس في الفترة الأخيرة فقط، بل منذ عام 2003، كل أبواب التفاهم مع المملكة العربية السعودية، ولجأ إلى تصعيد صدامي غير مسبوق، ليس مع الرياض وحدها، وإنما مع معظم دول مجلس التعاون الخليجي، اللهم باستثناء تلك الاستثناءات المعروفة.

لا يوجد أي تنافس بين المملكة العربية السعودية ودولة إيران، وحقيقة الأمر، وهي حقيقة من المفترض أنها معروفة لكل المسؤولين الفرنسيين، ولهذا الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون تحديداً، طالما أنه انتدب نفسه لهذه المهمة الكونية الكبيرة، أن إيران بعد انهيار العراق عام 2003، وحل الدولة العراقية بجيشها وكل أجهزتها ومؤسساتها اتبعت سياسة تمددية – احتلالية معلنة في هذه المنطقة الشرق أوسطية كلها، كانت نتيجتها العاجلة والسريعة كل هذا التدخل السافر والشائن في الشؤون الداخلية العراقية والسورية واللبنانية والفلسطينية واليمنية، وأيضاً في شؤون معظم دول مجلس التعاون الخليجي... وهذا إن ليس في شؤون هذه الدول كلها.

إن هذه بعض حقائق الأمور وليس كلها، والمفترض أن رئيس دولة كفرنسا لها كل هذا الاهتمام بالشؤون الشرق أوسطية، وفي مقدمتها شؤون منطقة الخليج العربي، يعرف أن الجنرال قاسم سليماني أعلن أكثر من مرة أن حراس الثورة الإيرانية، و"فيلق القدس" جزء منهم، قد استكملوا استعداداتهم العسكرية للسيطرة على شرقي البحر الأبيض المتوسط، وأن في سورية وحدها الآن خمسين تنظيماً طائفياً إيرانياً، قوام أعدادها ستون ألفاً، وهذا غير الوحدات العسكرية الإيرانية النظامية، وغير الاستخبارات وسلاح الجو الإيراني بكل أجهزته وفروعه.

كان يجب أن يدقق ماكرون في معلوماته قبل أن يدلي بهذا التصريح الذي أدلى به، وقال فيه: إن التنافس السعودي – الإيراني هو سبب الأزمة الخليجية، ويقيناً لو أن الرئيس الفرنسي دقق في هذه المعلومات لوجد أن إيران وحدها بتطلعاتها التمددية والاستحواذية وأيضاً الاحتلالية هي سبب كل هذا الذي يجري في اليمن، وكل هذا التوتر الذي تشهده بعض دول الخليج العربي، وكل هذه المصائب التي تعيشها سورية ويعيشها العراق وأيضاً يعيشها لبنان، وكل هذه المشاكل العالقة بين "دوقية" غزة والسلطة الوطنية الفلسطينية.

back to top