تجربة للتاريخ
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
في عام 1958 عاد السيد محمد غانم من بيروت بعد أن قضى هناك ثلاث سنوات في عملية مخابراتية مناهضة لحلف بغداد، وذلك عبر غطاء شركة «النيل للإعلانات» التي عمل مديرا لفرعها في بيروت، وكان يريد أن يحظى بشيء آخر غير الغطاء الدبلوماسي يمكنه من القيام بعمله ذي الطبيعة السرية، خصوصا أن اسمه في عالم المخابرات كان معروفا لكل الأجهزة الغربية، جاءت في ذهنه فكرة تأسيس الشركة التي اتخذها غطاء لعمله، أصر أن تكون تسميتها شركة «النصر للتصدير والاستيراد» بنفس هذا الترتيب «التصدير» قبل الاستيراد، وذلك بهدف أن تشكل هذه الشركة انفتاحا لمصر على أسواق العالم.في هذا التوقيت- بداية الستينيات- كانت إفريقيا كلها تحت الاحتلال باستثناء مصر وليبيا وتونس والمغرب، وكانت القارة السمراء مغلفة بالاستعمار والفقر والمرض، ومغلقة على سفارات أربع دول فقط... أميركا وبريطانيا وفرنسا و... إسرائيل طبعا، ويبدو أن ذلك الوضع المعقد هو ما استفز السيد محمد غانم فقرر اختراق قارة إفريقيا ومواجهة الأعداء هناك... وكانت البداية بإفريقيا الاستوائية قبل أن تتوسع الشركة لتمارس نشاطها في 25 دولة إفريقية أخرى، كان الرعايا الأجانب من الدول الاستعمارية يرغبون في تصفية ممتلكاتهم بالدول الإفريقية المحتلة استعدادا للعودة إلى أوطانهم وذلك عن طريق بيعها بشرط قبض الثمن في أوروبا حيث كان من غير المضمون بالنسبة لهم الخروج بأي أموال من الدول الإفريقية المستقلة حديثا... واستغلت شركة النصر هذه الفرصة لشراء الأراضي والعقارات التي أصبحت فيما بعد مقرات للشركة في قلب إفريقيا ومنها بناية شركة النصر العملاقة في أبيدجان -عاصمة كوت ديفوار- وقد تحمس رئيس البلاد لهذا المشروع لدرجة أنه شارك في وضع حجر الأساس للمبنى وشارك في افتتاحه ومنح السيد محمد غانم وساما رسميا بدرجة رئيس وزراء. من بين ما ذكره الكتاب أن أحد رؤساء الوزراء السابقين أراد بيع ذلك المبنى في أبيدجان بمبلغ أقل كثيرا عن قيمته الحالية التي تقدر بالمليارات وذلك لسداد ديون الشركة، وأن السيد محمد غانم قاد معركة في مجلس الشعب لمنع هذه «الكارثة»... ونجح في وقف البيع.لم أنتهِ من الكتاب بعد، ولكن رأيت أن أشارككم فيه، فهو من الأهمية بمكان، أياً ما كانت الملاحظات عليه، لاسيما في هذا التوقيت.