يرصد كتاب «الحضارة الغربية.. وصناعة التخلف» أسباب تخلف العالم العربي من خلال البحث داخل دائرة واسعة من أدبيات الفكر السياسي والتاريخ والاقتصاد السياسي، فضلاً عن دائرة الثقافة ومختلف الاتجاهات الفكرية كي يثبت للقارئ العربي المعاصر أن الحضارة الغربية وراء تخلف بلاد المشرق إن لم يكن جميع شعوب العالم الثالث بدرجات متفاوتة.

يشير المؤلف محمد يوسف في كتابه إلى أن الغرب أخذ حضارته في الأساس من المشرق، خصوصاً من حضارة ما بين النهرين والحضارة الفرعونية، وحضارة أهل الشام «الفينيقية»، وهو بهذا يؤكد مقولة الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا، التي قالها الشاعر الإنكليزي رديارد كبيلنغ.

Ad

وصف محمد يوسف مصطلح الحضارة بأنه يجب أن يطلق على الحضارات التي تدعو إلى التقدم، ولكن من يدعو إلى الدمار والتخلف لا يجب أن يطلق عليه لقب حضارة، وهذا ما يفعله الغرب الأوروبي بحرصه على صناعة التخلف في دول المشرق. كذلك رأى أن لا وجود في الواقع لما يسمى القانون الدولي، بل يمكن وصفه بأنه قانون القوة، ففي مجلس الأمن الدولي خمس دول تمتلك حق الفيتو، يمكنها من خلاله الاعتراض على أي أمر حتى إن كان صائباً.

وقال يوسف إن الحضارة الغربية استحوذت على الموارد العربية كافة، ونهبت الموارد العربية لتبني تقدمها وحضارتها، ولتنسب التخلف إلى دول العالم النامي، خصوصاً الدول العربية، مشيراً إلى أن الحضارة الغربية تمثل استنارة، قدمت إنجازاً كبيراً، ولكن الأخير يدمِّر ويسلب الأمل في المستقبل، لذا هو لا يعترف بها.

بين السطور

يحمل الكتاب بين سطوره مطالبات لإحياء فكر رواد التنوير وتطويره بعد إعادة قراءته بالنظر إلى المتغيرات الهائلة التي حدثت في بنية الحضارة المعاصرة خلال القرنين الماضيين، وتجاوزت بالضرورة محددات سؤال النهضة الذي طرحه رواد فكر التنوير في العالم العربي والإسلامي في القرن التاسع عشر، لأن إحياء فكر رواد التنوير يؤهلنا لاكتشاف القيم الحضارية الحديثة. كذلك يتوقف نجاحنا في النقد الإيجابي لمظاهر الخلل في الحضارة العالمية السائدة على مدى نجاحنا في تأسيس رؤية ثقافية منفتحة على الآخر، ومحفزة للعقل بوصفه أداة تفكير موضوعي وبحثاً علمياً، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تطوير فهمنا للعالم الواقعي الذي نعيش فيه، والتفاعل مع متغيراته وتجاوز رواسب الجمود والتعصب والانغلاق وغيرها من كوابح تكرس الإقامة الدائمة في الماضي، وتحول دون الخروج من فجوة الانقطاع الحضاري، وصولاً الى الانتقال من ثقافة الهوية إلى ثقافة المشاركة، وهو المدخل الوحيد لمشاركة الشعوب والأمم والثقافات المختلفة في حراك الحضارة الإنسانية المعاصرة.

آراء واتجاهات

في أحد النقاشات التي عقدت للكتاب قال المؤرخ عاصم الدسوقي، إن «الغرب يصنع شعارات ولا يعمل بها، فهو ينادي بالحرية وحقوق الإنسان، ولا يطبقها، فمن عاش هناك يعرف أن لا وجود لصحف ولا أحزاب معارضة، إذ يمارس الغرب ديمقراطية ذات شقين: الأول يعبر عن حكم الغالبية، والشق الثاني للأقلية الذين لهم حق تقرير المصير.

بدوره، ذكر أستاذ التاريخ الحديث د. جمال شقرة أن تخلف المشرق هو نتيجة لجهل، بدأ من لحظة الانتصار في الحروب الصليبية. وبدوره أوضح أستاذ التاريخ د. خلف الميري أن الغرب يحاول صنع التخلف في دول العالم الثالث، وأن الليبرالية المتوحشة والرأسمالية هي التي تحاول تدمير دول العالم الثالث.