بيزارو روسّيني (2- 2)
![فوزي كريم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1498033753948674500/1498033754000/1280x960.jpg)
في اليوم التالي شاهدتُ الكوميديا "المِحك" The touchstone، وقد أعطاها المخرجُ زماناً ومكاناً حديثين، يحار فيها الكونت "استروبالي" بين نساء أربع، من منهن الأكثر إخلاصاً. يقترح عليه مساعدُه أن يدّعي الإفلاس، على أثر رسالة يستلمها من دائنه، كمِحك لمعرفة المقربين منه. ينفضُّ عنه الجمع المحيط إلا واحدة، هي "كلاريسي"، التي يميل إليها قلبُه، وقلبُ صديقه الوفي "جلوكوندو". بعد أن يزعم من جديد استرداد ثروته يقع الجمعُ المحيط في مأزق. في حين يظل صديقه الوفي في محنة حبه الكتيم، ويعبر عن ذلك في أغنية رائعة لا أحسن ترجمتها: Quell’alme pupille io serbo nel seno. في ليلة اليوم الثالث عدتُ إلى "مسرح روسيني" التقليدي في قلب المدينة القديمة، لأشاهد أوبرا العاشقين "تورفالدو ودورليسكا" Torvaldo and Dorliska 1815. عمل موزع بين التراجيديا والكوميديا، مستوحىً من مسرحية لكاتب ثوري يُدعى دي كوفراي. العمل يحدثنا عن حكاية حب بين أحد الفرسان "تورفالدو" وزوجته "دورليسكا"، في مقابل "دوق" بالغ العنف والسطوة، يحب بدوره "دورليسكا"، يسجنها في قصره، ويسعى إلى قتل زوجها. حارس الدوق "جيورجيو" وأخته "كارلوتا" يراقبان ما يحدث من مظالم عن غير رضى. يسعيان، مع جمع من أصحابهما، إلى التآمر على الدوق. وفي ذروة محاولة إنجازه تحقيق الرغبة لقتل الزوج واغتصاب الزوجة، يُفاجأ بالجمع الغفير تحت قيادة "جورجيو" يدخل القصر لإلقاء القبض عليه وإيداعه في سجن قصره. قصص الأوبرا ليست إلا مادة لدائنية بين يديْ الموسيقى، من آلات أوركسترا وحناجر مغنين وإنشاد كورس، تحت قيادة مواهب بارعة. وبين يديْ مخرجين ومصممي ديكور وأزياء لا يقلون براعة. وهذا ما رأيته، واغتنيت به: حاسةً، روحاً وعقلاً. والجمهور الإيطالي عجيب في طبيعة استجابته بين جماهير الأوبرا في العالم. فهو يضرب بقدميه، ويصوّت بفمه "هو هووو.." إن لم يُعجبه أداءٌ من مغنٍّ أو قائد أوركسترا. ولقد حدث ذلك في التراجيديا الأولى، حين طالت موسيقى الباليه دون راقصين، وفي الكوميديا حول غناء البطلين، حتى أشعرني الأمر بالحرج. لم أذكر الأسماء الكثيرة المشاركة في الأعمال الثلاثة، فهي متوافرة في موقع المهرجان، لمن يرغب http://www.rossinioperafestival.it.