غزو الأفلام التجارية للسينما المصرية... ضعف الأفكار أم ضمان المكسب؟
يزداد الجدل حول محتوى الأفلام المصرية الأخيرة، وانحدارها فنياً، وارتباط ذلك بحجم الإنتاج السينمائي الرفيع الذي يتقلّص لمصلحة الأفلام التجارية، حسبما يشير نقاد وسينمائيون.
حول التحولات الكثيرة التي طرأت بشكل ملحوظ على مضمون الأفلام، وخلوها من الفكرة الجذابة، تدور سطور هذا التحقيق.
حول التحولات الكثيرة التي طرأت بشكل ملحوظ على مضمون الأفلام، وخلوها من الفكرة الجذابة، تدور سطور هذا التحقيق.
يشير السيناريست مجدي صابر إلى أن غالبية الأفلام أصبحت فارغة من المحتوى، موضحاً أن نقص السيناريوهات المعروضة ينعكس سلباً على الإنتاج، كذلك رغبة المنتجين في الاتجاه نحو الأعمال التجارية التي تحقق ربحا من خلال «ثيمات» محددة، وعرضها في الأعياد لاستقطاب أكبر عدد من الشباب، وهي الفئة الأكثر إقبالاً على دور العرض في المواسم تحديداً. عليه، يحقق الصانعون ربحاً سريعاً، ويُضاف المزيد من الأفلام البليدة إلى رصيد السينما المصرية.ويضيف صابر: «تميزت السينما المصرية على مدار تاريخها بأفلام رائعة اتسمت بالبساطة والمضمون العميق، فضلاً عن خفة الظل والحبكة الفنية، ولكن اليوم نشهد أفلام مقاولات تكاد تكون خالية من القصة والبداية والنهاية، ما جعل الصناعة أشبه بطباعة أفلام عدة بنسخ متشابهة.في السياق نفسه، يؤكد المنتج والمخرج السينمائي شريف مندور، ألا صحة لما يتردد عن ندرة السيناريوهات، ويقول: «على سبيل المثال، في عام 2016 ظهر 16 مخرجاً شاباً على الساحة السينمائية المصرية، وكانت مصر عضواً في لجان تحكيم عدة لأهم المهرجانات الدولية في العالم على رأسها «كان»، ولكن دورة رأس المال هي التي جعلت منتجين كثيرين يعزفون عن صناعة أفلام ذات قيمة شكلاً وموضوعاً.
ويوضح مندور أنه لا يمكن محاسبة المنتج على ما يقدمه من أفلام هابطة أو فارغة من المحتوى، فهو ليس صاحب دور مجتمعي في الأصل، وليس الحل منع تلك الأفلام من العرض، بل يجب أن يكون للدولة دور موازٍ من أجل الحفاظ على الذوق العام عن طريق البدء في إنتاج أفلام تنافس سوق الأفلام التجارية، للحفاظ على الذوق العام من الانهيار، ولكنها للأسف رفعت أيديها عن هذه الصناعة.ويقدم المنتج مثلاً حول دورة إنتاج فيلم، قائلاً: «لو فرضنا أن تكلفة فيلم ما 40 مليون جنيه، يسترد المنتج إيراداته بعد عامين إلى جانب الضرائب وتوزيع الحصص على فريق العمل، وأخيراً حصة المنتج التي لا تزيد على 18 مليون جنيه، فضلاً عن أن بيع الفيلم للقنوات الفضائية يكون غالباً بالتقسيط على ثلاث سنوات، لذا يلجأ منتجون كثيرون إلى أفلام خفيفة ذات تكلفة محدودة هرباً من عجلة الصناعة المكلفة». ويشير مندور إلى «الخلطة السبكية» (نسبة إلى شركة السبكي للإنتاج)، التي تجاوزت فكرة إنتاج شركة بعينها هذه التوليفة في الأفلام التي تعتمد على الأغنية والراقصة لتحقيق مزيد من الإيرادات، فثمة غزو للصناعة بتلك النوعية من الأعمال وهي تظهر بشكل فج في مواسم الأعياد، والصراع مستمر بين إيقافها واستمرارها بحجة أنها تحاكي الواقع، من ثم تنتظرها الجماهير.
واقع سينمائي بائس جداً
لا يمكن الحديث عن انحدار محتوى الأفلام من دون الإشارة إلى أزمة الإنتاج السينمائي الراهنة، حسبما تقول الناقدة ماجدة موريس، وتؤكد أن الدولة لا تنتج أفلاماً والمنتجين المستقلين الذين يملكون أموالاً ينتجون أعمالاً تجارية أو موسمية تستهدف جمهور الأعياد الذي يقصد دور العرض كفسحة وليس حباً في السينما، أو يختارون الدراما التلفزيونية التي تحقق النجاح والربح في آن.وتتابع موريس: «نحن إزاء واقع سينمائي بائس جداً»، مرجعة الأسباب إلى انخفاض معدل الإنتاج السينمائي سنة تلو الأخرى واقتصار الاستثمار فيه على عدد من المنتجين، ما يمنع السينما المصرية على مدار السنوات المقبلة من المنافسة مع السينما في الدول الأخرى، وستحتاج سنوات إلى أن تستعيد مكانتها.يرفض الناقد الفني طارق الشناوي أن ينصب الجميع المقصلة للمنتجين، خصوصاً الذين ينتجون أفلاماً تجارية أو هدفها الربح، كما توصف، ويشير إلى أن ثمة أزمة في محتوى المعروض، وثقافة المتفرج، وهما انعكاس طبيعي وواضح لتقاعس الدولة في دعم صناعة السينما وحمايتها، ليس من الإسفاف فحسب بل من الانهيار.
معظم الأفلام المصرية أصبحت فارغة من المضمون مجدي صابر