ارتفاع أسعار العقارات... فقاعة أم تضخم؟
في ظل انفجار أكثر من فقاعة عقارية خلال السنوات الماضية في أكثر من بلد حول العالم، يسود اعتقاد لدى البعض بأن الجميع أصبح الآن يدرك أسباب حدوث تلك الفقاعات وكيفية الحيلولة دون وقوع أخرى جديدة.لكن مع الأسف ليس هذا هو الحال، فرغم كل ما مر به المستثمرون في أكثر من فقاعة عقارية، وخاصة في أشهرهم «فقاعة 2008» في الولايات المتحدة، لا يزال يجادل الكثيرون في محاولة لمعرفة تفسير هذه الظاهرة.ومن أجل فهم أفضل للفقاعة العقارية وطبيعتها، ربما تجدر الإشارة إلى الفرق بينها وبين التضخم.
• عادة عندما يدخل سوق العقارات في فقاعة، تظهر نقاشات من نوعية «العقارات أصبحت مكلفة جدا، ربما يجب الانتظار حتى تنخفض الأسعار». ولكن هذا لا يحدث، بل تبقى الأسعار تسير في اتجاه واحد فقط إلى الأعلى.• في الحقيقة تحدث الفقاعة العقارية في الغالب بسبب تزايد المخاطرة غير المحسوبة من قبل البعض، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة سريعة في أسعار العقارات، يتبعها انكماش مفاجئ، تؤدي عواقبه في الغالب إلى تغيير وجه الاقتصاد.• عندما تنفجر الفقاعة يضطر المستثمرون الذين اشتروا خلال الفقاعة إلى بيع ممتلكاتهم بأقل بكثير من قيمتها الفعلية. وعلى الرغم من أنه لا يمكن التنبؤ بموعد الفقاعة العقارية القادمة أو بمدى استمرارها فإن المستثمرين يمكنهم على الأقل الانتباه إلى الإشارات التي تشير إلى وجود فقاعة عقارية. • أسعار المنازل تنمو بوتيرة أسرع من الرواتب: عندما تلاحظ أن أسعار المنازل آخذة في الارتفاع، بينما لا يبرح راتبك الشهري مكانه، يجب عليك الانتباه إلى وجود مشكلة ما. في وضع كهذا، يجب عليك أن تتخذ قراراً، هل يجب أن تستمر في إيجار أو شراء منزل لا يمكنك تحمل كلفته؟• إذا كنت تعتقد بأن سوق العقارات يعاني فقاعة، فأنت في الغالب سوف تفضل الانتظار وعدم الشراء قبل انفجار تلك الفقاعة. ومن المؤكد أن الارتفاع السريع في الأسعار الذي لا يتناسب مع نمو الأجور هو علامة على وجود فقاعة عقارية.- تباطؤ الطلب الخارجي: عندما يتباطأ الطلب الأجنبي على العقارات، يعاني السوق، وهذا يعتبر بمنزلة خبر سيئ للمدن التي تعتمد على السياحة والطلب الأجنبي في تحقيق الاستقرار بسوقها العقاري. • ارتفاع أسعار الفائدة: أي شخص يقف حائراً يحاول اتخاذ قرار بشأن شراء منزل أو عقار، تدفعه في الغالب حقيقة انخفاض أسعار الفائدة إلى اتخاذ قرار الشراء بسهولة أكبر. لذلك بمجرد ارتفاع أسعار الفائدة ينخفض الطلب على العقار، وهو ما يعتبر علامة على وجود فقاعة عقارية. ببساطة عندما تزيد أسعار الفائدة يصبح من الصعب على الكثيرين تحمل تكلفة العقار أو المنزل.
التضخم... كيف يبدو تأثيره؟
• الآن، بعد تغطية سريعة للفقاعة العقارية، يمكن العودة للسؤال الذي تم طرحه في بداية التقرير وهو: ما الفرق بين الفقاعة العقارية والتضخم؟ وقبل ذلك ما هو التضخم؟ وكيف يؤثر على سوق العقارات؟- شيء واحد يتفق عليه الجميع، وهو أن أسعار أي شيء تستمر في الارتفاع. وفي أي اقتصاد ينمو فيه حجم الأموال المتداولة، يحدث تضخم. ببساطة، عندما تزداد الأسعار وتنخفض قيمة النقود يكون لديك تضخم.- لكن كيف يكون التضخم في أسعار المنازل؟ في سوق العقارات، يرتبط السعر ارتباطاً وثيقاً بمستوى الطلب، ويعني التضخم في هذه الحالة وجود طلب كبير على المنزل، أي أن عدد المنازل المطلوب شراؤها أكثر من تلك المعروضة للبيع.ما الذي يسبب التضخم؟
• التضخم الناشئ عن زيادة الطلب: يحدث هذا النوع من التضخم عندما يزداد الطلب التراكمي على العقارات بوتيرة أسرع من القدرة الإنتاجية للاقتصاد. سيزداد الطلب على العقارات أو أي سلعة عندما ترتفع حجم الأموال داخل الاقتصاد.- التضخم الناشئ عن ارتفاع التكاليف: تعتبر الزيادات السريعة في الأجور أو في أسعار المواد الخام هي الأسباب الشائعة لهذا النوع من التضخم. وأشهر مثال على هذا النوع هو ارتفاع أسعار النفط في الولايات المتحدة خلال فترة حظر النفط في السبعينيات.• التضخم النقدي: يحدث هذا التضخم نتيجة لزيادة حجم المعروض النقدي بسبب طباعة الحكومة للمزيد من الأموال لتغطية العجز. تتسبب زيادة حجم المعروض النقدي في انخفاض قيمة العملة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع سعر كل شيء بما في ذلك العقارات.• خلاصة القول: أنت قد تعتقد أن السوق العقاري الذي تستثمر به أموالك يعاني (أو لا يعاني) من فقاعة، ولكن في نفس الوقت يجب عليك ألا تستبعد احتمال كونك مخطئاً. ففي الحقيقة إذا كان هناك شيء واحد مؤكد حول تلك الفقاعات فهو «أننا لا نعرفها عندما نراها».• وهنا يجب التأكيد على نقطة مهمة جداً، وهي أنه لا يمكن القول بأن السوق يمر بفقاعة فقط لأن الأسعار مرتفعة. الفقاعة لا تعني الارتفاع السريع للأسعار، بل تعني أن هذا الارتفاع غير مستدام، بمعنى أن أساسيات السوق لا تدعم استمرار هذا الاتجاه على المدى المتوسط والطويل.• أخيراً، في ظل حالة عدم اليقين بين وجود الفقاعة وعدم وجودها، إذا كنت تشتري عقارا أو منزلا لإقامتك أنت وأسرتك وتستطيع تحمل تكاليفه على المدى الطويل، فأنت على الأرجح تتخذ قراراً سيفيدك كل يوم، حتى لو انخفضت أسعار العقارات بشكل كبير. أما إذا كنت تشتريه فقط لاعتقادك بأن سعره سيرتفع، وأن هذا الارتفاع سيمول مثلاً مصاريف تقاعدك، فهناك فرصة جيدة لأن يصبح هذا واحداً من أسوأ قراراتك الاستثمارية.(أرقام)