«ساكسو بنك»: آثار «هارفي» المدمرة تلحق بسوق الطاقة

الذهب يحظى بالدعم بسبب المخاوف السائدة في واشنطن من تحركات كوريا الشمالية

نشر في 03-09-2017
آخر تحديث 03-09-2017 | 17:15
أسواق الطاقة ما زالت ترزح تحت تأثيرات «هارفي» المدمرة
أسواق الطاقة ما زالت ترزح تحت تأثيرات «هارفي» المدمرة
في محاولة للاستفادة من النقص في المصافي الأميركية، تهرول المصافي الأوروبية والآسيوية بالفعل لشحن المنتجات من أسواق خارج الولايات المتحدة الأميركية، مما يفرض ضغوطاً تصاعدية على الأسعار في تلك المناطق أيضاً.
شهدت تداولات السلع ارتفاعا ملحوظا خلال الأسبوع الماضي، وازدادت الأسعار بحدة في كل القطاعات، وليس أقلها الطاقة والمعادن، نتيجة أحداث متعددة تمثّل أخطرها في الآثار الكارثية الناجمة عن إعصار هارفي، الذي ضرب سواحل خليج تكساس، وتسبب نتيجة مساره ومدته وغزارة أمطاره في البؤس لملايين الناس، وخاصة في هيوستن، التي تعد رابع أكبر مدينة في الولايات المتحدة الأميركية.

ولإيضاح التأثيرات المدمرة لمعدلات السقوط المطري الهائلة، أفاد أحد المتخصصين بعلم الأرصاد الجوية من «دائرة التحكم في الفيضانات في مقاطعة هاريس» بأن المقاطعة – التي تمثل الجزء الرئيسي من هيوستن – تلقت نحو تريليون غالون من المياه على مدى 4 أيام؛ وهي كمية تعادل تقريبا حجم المياه التي تستوعبها شلالات نياغارا، والخانق، في 15 يوماً.

ونظرا لمكانتها المهمة كمركز عالمي أساسي لأنشطة التكرير والإنتاج، وحسب تقرير صادر عن «ساكسو بنك»، فقد تسبب إغلاق قطاع الطاقة بتكساس في إطلاق موجة من الآثار التي ضربت سوق الطاقة العالمي. وتم إغلاق مصافي التكرير في منطقة الإعصار التي تمثل ربع قدرة الولايات المتحدة الأميركية، وتوقفت أنشطة استيراد وتصدير النفط والمنتجات تقريبا جراء إغلاق الموانئ.

خطوط الأنابيب

وعلاوة على ذلك، اضطرت خطوط الأنابيب الأساسية، التي تزود الديزل والبنزين إلى مركز المنتجات المهم في نيويورك، إلى التوقف نظرا لانقطاع التدفقات من مجموعة من أكبر مصافي ساحل خليج تكساس في الولايات المتحدة الأميركية.

ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار البنزين والمنتجات بشكل كبير، بينما تراجعت أسعار النفط الخام جراء انهيار حجم الطلب، وتلقت أسعار المعادن الثمينة دفعة قوية، حيث تمكن الذهب أخيرا من تخطي المقاومة عند عتبة 1300 دولار للأونصة، ما دفعه لتحقيق أفضل أداء شهري منذ يناير.

وبغض النظر عن الشراء الفني الناجم عن الارتفاع، جاء الدعم نتيجة للمخاوف المتشكلة من سقف الديون الأميركية والإصلاحات الضريبية، فضلا عن استمرار التوترات الجيوسياسية، كما جاء نتيجة أسعار الدولار التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عامين ونصف، مقارنة بسلة من 10 عملات عالمية رائدة قبل محاولة الانتعاش المؤقت.

ارتفاع المعادن

وواصلت المعادن الصناعية ارتفاعها على مدى شهر، وأظهرت أسعار النيكل والزنك والألمنيوم عائدات بأرقام مزدوجة خلال أغسطس، ولعبت السياسات الصينية لتعزيز نظافة الهواء وإزالة الإمدادات من المصاهر الملوثة، وقوة البيانات الاقتصادية الصينية، وتراجع حجم المخزونات في المستودعات التي ترصدها البورصات الرئيسية، دورا مهما في توفير الدعم.

وتراهن أحد المستويات القياسية لصناديق التحوط على ارتفاع أسعار النحاس، والتي تشكل حاليا أكبر المخاطر المعوقة في حال بدت البيانات أو الأحداث أقل تفضيلا.

وانتعش قطاع الحبوب للمرة الأولى خلال 5 أسابيع، وظهرت تغطية المركز المكشوف قبل نهاية الشهر وعطلة نهاية أسبوع طويلة في الولايات المتحدة الأميركية بسبب عطلة عيد العمال في سبتمبر. ونتوقع أن يبدأ الأسبوع المقبل بالتركيز على الأخبار الصادرة عن الحكومة الأميركية في 12 سبتمبر بشأن العرض والطلب.

ونظرا للتوقعات الشاملة التي تضمنها تقرير التقديرات العالمية للعرض والطلب الشهر الماضي، والتي ساعدت في دفع القطاع نحو الانخفاض بشكل كبير، قد يبدأ السوق البحث عن بعض التصحيحات الداعمة لانخفاض الأسعار على الإنتاج والعائدات.

اضطرابات متعددة

وتنبع القصة الرئيسية، وتلك التي يمكن الشعور بها حالياً في شتى أنحاء العالم من حيث ارتفاع الأسعار في المضخات، عن الاضطرابات المتعددة التي تعانيها تدفقات الطاقة على ساحل تكساس.

ولابد هنا من الإشارة إلى وجود الكثير من الكلام عن الآثار المترتبة على عمليات الإنتاج والاستيراد والتصدير في المصافي، فضلاً عن خطوط الإمداد الحيوية التي تنقل النفط الخام والمنتجات المكررة بعيداً عن المنطقة.

وفي غضون 4 أيام فقط، ارتفعت عقود سبتمبر الآجلة للبنزين (RBOB)، والتي أصبحت مستحقة الآن، بنحو الثلث تقريبا، وتراجعت أسعار النفط الخام في ظل الانخفاض الكبير في الطلب. وقد تستغرق مرحلة التعافي أسابيع من الزمن، نظرا لحاجة المصافي الماسة إلى عودة العمال (وربما فقد كثيرون منهم منازلهم ووسائل النقل الخاصة بهم).

وربما أتى الإعصار على نحو مليون سيارة على طول ساحل خليج تكساس. من جانب آخر، ينبغي تقييم الأضرار (إن وجدت) وإصلاحها، ليصار في نهاية المطاف إلى إعادة فتح الموانئ وخطوط الأنابيب.

استمرار الدعم

وسنرى خلال هذه الفترة استمرار دعم الأسعار العالمية للمنتجات المكررة. وفي محاولة للاستفادة من النقص في المصافي الأميركية، تهرول المصافي الأوروبية والآسيوية بالفعل لشحن المنتجات من أسواق خارج الولايات المتحدة الأميركية، ما يفرض ضغوطا تصاعدية على الأسعار في تلك المناطق أيضا.

وتأتي هذه التقلبات في وقت من السنة اعتدنا فيه أن نرى تزامنا بين نهاية موسم ذروة الطلب وانخفاض الأسعار. وقد لاحظنا بالفعل نقصا في مخزونات البنزين بالولايات المتحدة الأميركية، وبلغ متوسط السعر الوطني 2.52 دولار للغالون، وهو أعلى مستوى منذ عامين.

وفي مكان آخر، خفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية تقديراتها الشهرية لإنتاج النفط الخام في يونيو إلى 9.1 ملايين برميل في اليوم، أي بنحو 241 ألف برميل أقل مما أظهرته التقديرات الأسبوعية. وحظي ارتفاع وتيرة الامتثال وانخفاض مستوى إنتاج «أوبك» في أغسطس باهتمام محدود، واتجه التركيز الحالي نحو الفوضى التي أحدثها إعصار هارفي.

وساعد الارتفاع السريع في حجم الإنتاج الليبي في إطلاق عمليات البيع في الفترة بين مايو ويونيو. ومع ذلك، وخلال الأسبوع الماضي، تم إغلاق أكثر من 300 ألف برميل في اليوم أو ما يقارب ثلث إنتاج ليبيا بسبب الاضطرابات المتجددة. وفضلا عن التركيز من السوق، كان التأثير محدودا جدا نتيجة الانخفاض الكبير في الطلب.

تراجع أسعار النفط

وتراجعت أسعار النفط والبنزين بشكل واضح الجمعة، وقد يرجع ذلك إلى زيادة الآمال بقدرة عطلة نهاية الأسبوع الطويلة على جلب بعض الأخبار الجيدة عن خطط افتتاح موانئ ومصافٍ جديدة.

وتمكن الذهب، أخيراً، من تخطي العتبة السعرية، التي تتراوح بين 1200 و1300 دولار للأونصة، والتي سادت منذ فبراير.

وجاء الارتفاع فوق مستوى 1300 دولار للأونصة من استمرار ضعف الدولار مقابل اليورو والين الياباني، بناءً على الأخبار التي مفادها أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً بالستياً مر فوق اليابان. وفي وقت لاحق من الأسبوع، تلاشى الدعم الضعيف للدولار، إلا أن الذهب تمكن من الحفاظ على مكانته.

وواصلت أسعار الذهب صعودها، فيما استقرت أسعار الين الياباني والعائدات الحقيقية الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية. وجاء بعض هذا التفوق في الأداء، والذي كان ينظر إليه بالمقارنة مع الفضة، شقيقته بين المعادن الثمينة، جراء المخاوف من كوريا الشمالية، والقلق بشأن الرئيس ترامب، وتمايل سوق الأسهم.

مصافي تكساس تبدأ العمل من جديد

بدأ عدد من المصافي الرئيسة بولاية تكساس الأميركية العمل على استئناف العمليات الطبيعية، أمس الأول، بعد أسبوع من تعطيل العاصفة هارفي نحو ربع طاقة تكرير النفط بالولايات المتحدة، ورفعها أسعار البنزين إلى أعلى مستوى لها منذ عامين.

ورغم أن كثيرا من البنية الأساسية لعملية تكرير النفط في المنطقة مازال متعطلا بسبب «هارفي»، فإن بدء المصافي العمل من جديد خطوة أولى نحو تخفيف المخاوف بشأن إمدادات الوقود في الولايات المتحدة.

وقالت شركة إكسون موبيل إنها بدأت من جديد تشغيل محطتها في بايتاون بتكساس، والتي تبلغ طاقتها 650 ألف برميل في اليوم، وهي ثاني أكبر مصفاة نفط بالولايات المتحدة، بعد أن غمرتها مياه السيول.

وقالت شركة فيلبس 66 إنها تعمل على استئناف العمل في مصفاة سويني، التابعة لها، والتي تبلغ طاقتها 247 ألف برميل يوميا، بالإضافة إلى ميناء بايتاون.

جاء هذا الإعلان، بعد أن قالت شركة فاليرو إنيرجي، الجمعة، إنها زادت الإنتاج بمصافيها في كوربس كريستي بمنطقة تكساس، إضافة إلى تقييم الأضرار التي سببتها «هارفي» في مصفاة بورت أرثر بولاية تكساس .

وارتفعت أسعار البنزين للبيع بالتجزئة أكثر من 17.5 سنتا منذ 23 أغسطس، قبل وصول هارفي وسط مخاوف من أن تؤدي العاصفة إلى نقص الإمدادات.

وقالت جماعة «أيه.أيه.أيه»، الداعمة لقائدي السيارات، إن أسعار البنزين بلغت 2.59 دولار للغالون، أمس الأول، بزيادة ثلاثة سنتات عن يوم الجمعة، وبزيادة 16.7 في المئة بالمتوسط عن العام السابق.

ترامب أكثر عزلة

بشكل متزايد، تظهر شخصية ترامب أكثر عزلة مع عجزه عن سنّ السياسة في الداخل، ومشاعر الكره تجاهه وعدم الثقة به في الخارج. ولا يزال ابتعاده عن المنطق، والذي يظهر غالباً في تغريداته الطائشة وغير المدروسة، قادراً على تحريك الأسواق، وتلعب حالة عدم اليقين هذه دوراً كبيراً في إضافة الدعم لأسعار الذهب.

وظهر هذا الدعم من خلال الإجراءات التي اتخذتها صناديق التحوط، والتي واصلت طوال الأسابيع الخمسة الماضية إضافة الطول مع تقليص مراكز البيع على المكشوف. وفي الأسبوع المنتهي بـ 22 أغسطس، عززت هذه الصناديق صافي مراكزها لشراء الذهب إلى 196 ألف لوت، وهو أقل بنسبة 31 في المئة من الرقم القياسي، الذي بلغ 287 ألف لوت في يوليو 2016.

وشهد الاستسلام الكامل لإجمالي مركز البيع على المكشوف إلى 13200 لوت فقط ارتفاع معدل الشراء إلى البيع إلى 16، وهو أعلى مستوى يصل إليه منذ ديسمبر 2012.

ويمكن أن يتحول مثل هذا الموقف المتطرف نسبياً لمصلحة جانب الشراء إلى مشكلة إذا فشل الاختراق الحالي، وانخفضت أسعار الذهب إلى ما دون مستوى الدعم. ويشكل ذلك في الوقت الراهن مؤشراً على الاعتقاد القوي في ارتفاع الأسعار. وظهرت إشارات ذلك اليوم عندما أخفق تقرير فرص العمل الأميركية الضعيف في دفع أسعار الذهب نحو مزيد من الارتفاع، في الوقت الذي عزز الدولار أسعاره، وانخفضت السندات.

وفي الوقت الراهن، «نواصل التأكيد على هدفنا طويل الأجل بحلول نهاية العام عند 1325 دولارا للأونصة، لكن مع انحراف المخاطرة بالاتجاه التصاعدي. وتتجلى أهداف الاتجاه التصاعدي في الوصول إلى الارتفاعات التي تحققت بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك عند 1337 و1375 دولارا للأونصة على التوالي». ويمثل السعر الأخير ارتداداً بنسبة 38.2 في المئة من عمليات البيع بين عامي 2011 و2015، وكان حين تلاشى زخم ارتفاع الأسعار في عام 2016.

back to top