تناول إيليا أبو ماضي في ديوانه «تذكار الماضي» موضوعات مختلفة بالشعر، أبرزها الظلم الذي يمارسه الحاكم على المحكوم، وأحدث الديوان جدلاً واسع النطاق، وتعرّض الراحل بسببه لمضايقات سياسية إضافة إلى انتقاده من بعض الشعراء والكتاب. من ثم، وقع في هم وضيق شديدين، فترك شاعر المهجر الكبير مصر مهاجراً إلى نيويورك.

يشير كتاب «إيليا أبو ماضي... تذكار الماضي» إلى مسيرة الشاعر التي تعود إلى قرية «المحيدثة» في لبنان، حيث ولد عام 1891، وفي إحدى مدارسها الصغيرة درس ثم غادرها في سن الحادية عشرة إلى الإسكندرية ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكان أحد أعضاء الرابطة القلمية البارزين.

Ad

في التفاصيل، أنه بعدما أصدر باكورة أعماله الشعرية في مصر عام 1911 «تذكار الماضي»، وكان يبلغ من العمر 22 عاماً، هاجر عام 1912 إلى أميركا الشمالية، واستقر في مدينة سينسيناتي بضعة أعوم ثم انتقل إلى نيويورك عام 1916 واشتغل بالصحافة، وتعرف إلى عظماء القلم في المهجر، فأسس مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة الرابطة القلمية، التي كانت أبرز مقومات الأدب العربي الحديث، وتعتبر أهم العوامل التي ساعدت أبو ماضي على نشر فلسفته الشعرية.

كذلك أصدر أهم مجلة عربية في المهجر، وهي «السمير» التي تبنت الأقلام الاغترابية، وقدمت الشعر الحديث على صفحاتها، وشارك في إصدارها معظم شعراء المهجر، وحوّلها عام 1936 إلى جريدة يومية امتازت بنبضها العروبي، ولم تتوقف «السمير» عن الصدور حتى فارق الشاعر الحياة بنوبة قلبية في 13 نوفمبر 1957.

شاعر الأمل

تميزت أشعار أبو ماضي بالرقة والعذوبة والحنين إلى الوطن، ووصف الطبيعة، قالت عنه فدوى طوقان: «إنني أرفع أبو ماضي إلى القمة، ولا أفضل عليه شاعراً عربياً آخر لا في القديم ولا في الحديث، فالشعر العربي لم يعرف له من نظير».

يسميه النقاد «شاعر الأمل والتفاؤل»:

«قال السماء كئيبةً وتجهما

قلت ابتسم يكفي التجهم في السما

قال الصبا ولّى فقلت له ابتسم

لن يرجع الأسف الصبا المتصرّما».

الجمال حاضر في معظم أعمال أبو ماضي، وامتاز بعشقه للطبيعة «يا ليتني لصٌ لأسرق في الضحى، سرَّ اللطافة في النسيم الساري، وأَجسَّ مؤتلق الجمالِ بأصبعي، في زرقة الأفقِ الجميلِ العاري».

خلف أبو ماضي إصدارات شعرية عدة من بينها ديوان «تذكار الماضي»، الذي صدر في الإسكندرية، وصدر له في نيويورك «الجداول»، و«الخمائل»، وأعماله الكاملة، وطبعت دواوينه في المشرق العربي مرات عدة.