بيونغ يانغ تختبر قنبلة نووية أقوى 8 مرات من «هيروشيما»

• «مراقبة الزلازل» ترصد هزة شدتها 6.3 درجات بالمنطقة
• ترامب يحذر من «عدو لا تجدي معه التهدئة»
• العالم يدين... ومخاوف من انحسار الحوار
• الصين تتحوط من الإشعاع وروسيا تحمل كيم تبعات أفعاله

نشر في 03-09-2017
آخر تحديث 03-09-2017 | 21:45
أجرت كوريا الشمالية تجربة نووية لاختبار قنبلة «هيدروجينية» أقوى 10 مرات من آخر قنبلة اختبرتها في السابق، وشعرت دول جنوب شرق آسيا بهزة أرضية بسبب التجربة النووية السادسة للدولة الشيوعية التي لقيت إدانة عالمية واسعة، وسط مخاوف من انحسار فرص الحوار في ظل تصاعد التوتر بينها وبين الولايات المتحدة.
ضرب النظام الشيوعي في كوريا الشمالية عرض الحائط بالقرارات الدولية والتحذيرات الأميركية، وأجرى تجربة نووية لاختبار قنبلة "هيدروجينية" أقوى 8 مرات من قنبلة "هيروشيما"، ويمكن وضعها على صواريخ بعيدة المدى أمس.

وأكدت كوريا الشمالية أنها اختبرت، أمس، "بنجاح تام" قنبلة هيدروجينية "قوتها غير مسبوقة، وتشكل خطوة مهمة جداً نحو بلوغ الهدف النهائي لاستكمال القوة النووية للدولة".

وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون تفقد "الرأس الهيدروجيني"، وأكد أن "كل مكونات القنبلة صنعت 100 بالمئة في بلدنا". وظهر كيم في صور يرتدي بزة سوداء ويفحص عبوة معدنية قالت الوكالة إنها "قنبلة هيدروجينية".

وكانت بيونغ يانغ أكدت في خضم التوتر المتصاعد بينها وبين الولايات المتحدة، أنها طورت قنبلة هيدروجينية يمكن وضعها على الصاروخ البالستي العابر للقارات الجديد الذي يمتلكه النظام الكوري الشمالي.

وتصاعد التوتر في يوليو الماضي، عندما قامت كوريا الشمالية بتجربتين ناجحتين لصاروخ بالستي عابر للقارات من نوع "هواسونغ-14". وهددت بيونغ يانغ لاحقاً بعمليات إطلاق تحذيرية لصواريخ إلى مواقع قريبة من جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادئ. وأطلقت الأسبوع الماضي صاروخا متوسط المدى سقط في المحيط الهادئ، بعدما حلق فوق اليابان.

وتعود آخر تجربة نووية أجرتها كوريا الشمالية إلى سبتمبر 2016 وكانت أقوى التجارب الخمس التي قامت بها بيونغ يانغ منذ 2006.

رصد وتطور

ورصدت وكالات مراقبة الزلازل الأجنبية بدول جنوب شرق آسيا هزة أرضية تبلغ شدتها 6.3 درجات بالقرب من المواقع الرئيسي للتجارب النووية الكورية الشمالية. وأكدت الحكومة اليابانية أنها تجربة نووية أشد 10 مرات من آخر تجربة أجرتها بيونغ يانغ.

واعتبرت منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية أن التجربة الجديدة مؤشر على سرعة تقدم البرنامج النووي بكوريا الشمالية.

وأفاد جيفري لويس الذي عمل في الموقع الالكتروني "آرمز كونتروال وونك.كوم" بأن التجربة اختبرت سلاحا حراريا نوويا، مما يشكل تطورا واضحا في البرنامجين النووي والبالستي الكوريين الشماليين اللذين تحظرهما الأسرة الدولية.

رفض التهدئة

وسارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هدد في وقت سابق بالتعامل مع النظام الكوري الشمالي بـ "النار والغضب" إلى تأكيد أن سياسة "التهدئة" حيال كوريا الشمالية "لن تكون مجدية".

وكتب ترامب في 3 تغريدات على "تويتر" أن "كوريا الشمالية أجرت اختبارا نوويا كبيرا. تصريحاتهم وأفعالهم لاتزال عدائية وخطيرة جدا للولايات المتحدة. انهم لا يفهمون سوى شيء واحد".

وأضاف: "بيونغ يانغ دولة مارقة أصبحت تشكل تهديدا كبيرا ومصدر إرباك للصين التي تحاول أن تساعد، لكنها لا تحقق الكثير من النجاح".

إدانة وتخوف

في غضون ذلك، توالت ردود الأفعال المنددة بالتجربة النووية من عدة عواصم حول العالم بينها بكين وموسكو، أبرز حلفاء بيونغ يانغ.

وأعلنت الحكومة الألمانية أن المستشارة أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤيدان "تشديد" عقوبات الاتحاد الأوروبي على كوريا الشمالية، واعتبرا خلال محادثة هاتفية أن "الاستفزاز الأخير للزعيم في بيونغ يانغ بلغ بعداً جديداً".

واعتبرت ميركل وماكرون أن بهذا "التصعيد داست كوريا الشمالية على القانون الدولي، وينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يتحرّك بموازاة مجلس الأمن والأمم المتحدة".

أمن المنطقة

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن التجربة "غير مقبولة إطلاقا". وقال إن حكومته تقدمت بمذكرة احتجاج إلى السفارة الكورية الشمالية في بكين ضد ما اعتبره مستوى جديدا من التهديد الخطير والفوري لأمن المنطقة.

ودعا الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي أن مجلس الأمن الدولي إلى اجتماع عاجل، وطالب بفرض "أقوى عقاب" على بيونغ يانغ، فيما عقدت تايوان اجتماع أمن قومي لمناقشة تهديد استقرار المنطقة.

ووصفت لندن التجربة بـ "العمل الاستفزازي المتهور". واستدعت الدنمارك سفير بيونغ يانغ لديها للإعراب عن مخاوفها.

وقد دان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ بشدة التجربة النووية. وطالب بيونغ يانغ بالعودة إلى الحوار مع المجتمع الدولي.

تبعات الأفعال

وبينما عبرت الصين عن إدانتها "الشديدة" للتجربة، واتخذت خطوات لمواجهة أي تسرب إشعاعي قد ينتج عنها عند حدودها، تجنب الرئيس الصيني، شي جين بينغ ذكر كوريا الشمالية في خطابه الرئيس في قمة "بريكس"، التي افتتحت بعد ساعات من التجربة.

بدورها، حذرت موسكو نظام كيم جونغ أون من الاستمرار في إجراء تجارب نووية، مشيرة إلى أن هذا النهج يحمل في طياته مخاطر جسيمة ليس للأمن والسلام الإقليميين، بل ولبيونغ يانغ نفسها.

وقالت "الخارجية" الروسية، في بيان، "من دواعي الأسف أن تقوم قيادة كوريا الشمالية من خلال تصرفاتها، الهادفة إلى تقويض نظام عدم الانتشار النووي العالمي، بخلق تهديد خطير للسلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة بأسرها". وأضافت: "مواصلة هذا النهج تنذر بعواقب وخيمة على كوريا الشمالية نفسها".

ودعت "الخارجية" الروسية، جميع الأطراف المعنية للعودة إلى الحوار والمفاوضات باعتبارهما السبيل الوحيد الممكن للتسوية الشاملة لقضايا شبه الجزيرة الكورية، بما في ذلك النووية.

وأعربت الفلبين عن قلقها الشديد، محذرة من أن التجربة النووية تحط من قدر أي خيارات للحوار الذي يهدف إلى حسم التوترات في شبه الجزيرة الكورية.

ووجه مانيلا الدبلوماسيين الفلبينيين في سيول إلى تعريف نحو 65 ألف فلبيني يقيمون في كوريا الجنوبية بخطط الطوارئ إذا شهد الوضع في شبه الجزيرة الكورية المزيد من التصعيد.

وفي حال كانت كوريا الشمالية قادرة فعلا على وضع رأس نووي على صاروخ، فإن ذلك سيعزز القلق الدولي حيال التهديدات التي تطلقها بيونغ يانغ باستمرار.

ورأى محللون أن إعلان كوريا الشمالية امتلاك قنبلة هيدروجينية يمثل "رسالة استراتيجية" تعني أنها "تريد الدفع باتجاه مواجهة نووية مع الولايات المتحدة كطرفين متساويين".

ووصفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية البرنامج النووي لكوريا الشمالية بأنه "مبعث قلق كبير" بعد أن أجرت الدولة التي تمنع دخول خبراء الوكالة تجربتها النووية السادسة.

عقود من التوتر بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة

شهدت العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب الكورية توترا شديدا تخلله بعض الانفراج فترات قصيرة، وفيما يلي أهم الأحداث:

في عام 1945 انتهى الاحتلال الياباني لشبه الجزيرة الكورية بهزيمة طوكيو في نهاية الحرب العالمية الثانية. قسمت كوريا على طول خط العرض 38، إلى شمال يدعمه السوفيات وجنوب بحماية واشنطن.

في يونيو 1950 اجتاحت كوريا الشمالية الجنوب، بدعم من الصين والاتحاد السوفياتي، لكن تحالفا بقيادة الولايات المتحدة استعاد سيول. ووقعت في يوليو 1953 هدنة لم تتحول إلى اتفاق سلام، وفرضت واشنطن عقوبات على كوريا الشمالية.

في يناير 1968، أسرت كوريا الشمالية "يو اس اس بويبلو"، مؤكدة أنها "سفينة تجسس" أميركية. بعد احتجاز دام 11 شهرا، أفرج عن أفراد الطاقم الأميركيين البالغ عددهم 83.

في يونيو 1994، قام الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر برحلة غير مسبوقة إلى كوريا الشمالية.

في أكتوبر وبعد ثلاثة أشهر من وفاة كيم ايل-سونغ، الذي تولى ابنه كيم جونغ-ايل السلطة بعده، وقعت بيونغ يانغ وواشنطن اتفاقا ثنائيا. وتعهدت كوريا الشمالية، بتجميد وتفكيك برنامجها النووي العسكري، مقابل بناء مفاعلات مدنية.

في يناير 2002 تحدث الرئيس جورج بوش عن "محور الشر"، الذي ضم إيران والعراق وكوريا الشمالية. اتهمت واشنطن بيونغ يانغ بامتلاك برنامج لإنتاج اليورانيوم العالي التخصيب في انتهاك لاتفاق 1994.

في أغسطس 2004، أعلنت كوريا الشمالية أنه "من المستحيل" المشاركة في مفاوضات جديدة حول برنامجها النووي.

في عام 2006 أجرت بيونغ يانغ تجربتها النووية الأولى.

في أكتوبر 2008، شطبت الولايات المتحدة كوريا الشمالية من لائحة الدول المتهمة بدعم الإرهاب، مقابل "مراقبة كل المنشآت النووية" للنظام الشيوعي.

أدرجت بيونغ يانغ على اللائحة في 1988، بسبب اتهامها بالتورط في إسقاط طائرة ركاب كورية جنوبية في 1987، ما أدى إلى مقتل 115.

back to top