غداة إجراء كوريا الشمالية لأقوى تجاربها النووية تسببت في هز منطقة جنوب شرق آسيا وولدت موجة انتقادات وإدانات عالمية، أعلنت كوريا الجنوبية أمس أنها رصدت مؤشرات على استعداد النظام الشيوعي بزعامة كيم جونغ أون لإجراء تجربة صاروخية بالستية جديدة.

وأفادت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية بأن سيول والولايات المتحدة ستنشران مزيداً من الأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ، رداً على التجربة النووية التي أجرتها بيونغ يانغ أمس الأول.

Ad

وذكرت الوزارة أنها اطلقت أمس عددا من الصواريخ البالستية في إطار مناورات عسكرية بالذخير الحية لصد هجوم وهمي من الشمال، ردا على التجربة النووية السادسة لجارتها التي قالت إنها اختبرت «قنبلة هيدروجينية».

وكشفت صور صواريخ بالستية قصيرة المدى من نوع «هيونمو» تطلق في السماء من موقع على الساحل الشرقي. وأوضحت أن مدى الأهداف التي شملتها المناورات يعادل مدى موقع «بونغيي-ري» للتجارب النووية في شمال شرق كوريا الشمالية.

كما نشرت السلطات تسجيل فيديو تظهر فيه طائرات «إف-15 كي» كورية جنوبية تطلق صوارخ جو أرض. وقالت رئاسة الأركان المشتركة، في بيان، إن الصواريخ أصابت أهدافها في البحر الشرقي، الاسم الذي تطلقه كوريا الجنوبية على بحر اليابان. وأضاف البيان أن التدريبات «أجريت كتحذير قوي» إلى الشمال.

وجاءت المناورات الجنوبية بعد يوم من انتقاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتجربة النووية ولموقف سيول التي اتهمها بالسعي إلى «التهدئة»، وتهديده بفرض مقاطعة تجارية قاسية على أي دولة تتعامل مع بيونغ يانغ.

تصغير ناجح

في موازاة ذلك، أكد وزير الدفاع الكوري الجنوبي سونغ يونغ مو، أمس، أن بلاده تعتقد أن جارتها الشمالية نجحت في تصغير سلاح نووي بشكل يمكن وضعه على رأس صاروخ بالستي عابر للقارات.

وقال خلال اجتماع طارئ في البرلمان إن التجربة النووية السادسة بلغت قوتها 50 كيلوطن.

وكان الخبراء الأميركيون رصدوا زلزالا شدته 6.3 درجات بالقرب من الموقع الرئيسي للتجارب في كوريا الشمالية، شعر سكان عدد من المناطق في روسيا والصين به.

رد هائل

وفي وقت سابق، توعد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، مساء أمس الأول، برد عسكري ضخم للغاية في حال إقدام كوريا الشمالية على تهديد بلاده أو الأراضي التابعة لها، أو أي من حلفائها.

وقال ماتيس متحدثا أمام البيت الأبيض: «أي تهديد للولايات المتحدة أو أراضيها بما في ذلك غوام أو حلفائنا سيواجه برد عسكري هائل. رد سيكون فعالا وساحقا»، مضيفاً أن واشنطن لا ترغب في تدمير كوريا الشمالية بالكامل، لكن أمامها كثيرا من الخيارات العسكرية.

لا مجال للتصعيد

في غضون ذلك، استبقت روسيا والصين، أبرز حلفاء النظام الشيوعي في كوريا الشمالية، عقد مجلس الأمن جلسة طارئة مفتوحة أمس لبحث التجربة النووية الجديدة، بتأكيد رفض اتخاذ أي إجراء عسكري ضد بيونغ يانغ.

واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن الوضع في كوريا الشمالية لا يشكل تهديدا نوويا حقيقيا، على الأقل بالنسبة لروسيا. ودعا بيونغ يانغ إلى الكف عما وصفها بالتصرفات الاستفزازية التي تصعّد التوتر بالمنطقة.

وشدد ريابكوف على أنه لا مجال للتصعيد بهذه الأزمة، قائلا إنه يجب تقديم مقترحات من أجل الحوار مع كوريا الشمالية، ومؤكدا أنه ليس من حق أي دولة اتخاذ إجراء أحادي في الأزمة الكورية.

إضعاف حلف

في هذه الأثناء، وجه خبراء انتقادات لتهديد ترامب بإلغاء الاتفاق التجاري مع كوريا الجنوبية حليفة الولايات المتحدة، وقالوا إنه يخاطر بإضعاف حلف يعود إلى عدة عقود، في وقت تتزايد مخاطر امتلاك كوريا الشمالية لأسلحة الدمار الشامل بما يهدد أمن سيول.

وأعلن ترامب أمس الأول أنه ينوي سحب بلاده من اتفاق التبادل الحر مع سيول، وهو الاتفاق الذي يعتبره الخبراء أحد ركائز العلاقة الوثيقة بين البلدين الحليفين منذ نحو 70 عاما.

وتجاهل ترامب إجراء اتصال بالرئيس الكوري لتنسيق الرد بشأن التجربة الجديدة، رغم اتصاله برئيس الوزراء الياباني. واتهم ترامب خلال حملته الانتخابية سيول بعدم دفع ثمن كاف لقاء الحماية، وهدد بإلغاء اتفاق التبادل الحر «المريع» المبرم مع سيول في عهد سلفه باراك أوباما.

احتجاج واستغراب

من جهتها، أعلنت بكين أنها قدمت احتجاجا رسميا لدى كوريا الشمالية، مؤكدة في السياق نفسه تمسكها بمبدأ الحوار لحل الأزمة.

وقال المتحدث باسم الخارجية غينغ شوانغ للصحافيين إن «الصين تعارض قيام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بتجربة نووية، ونحن ملتزمون بنزع الأسلحة النووية بشبه الجزيرة».

وفي سياق مواز، أعلنت حكومتا الصين واليابان، في بيانين منفصلين أمس، أنهما لم ترصدا في بيئتيهما أي مواد مشعة ناجمة عن التجربة النووية الكورية الشمالية.

من جانب آخر، أعربت بكين أمس عن استغرابها تهديد الرئيس الأميركي بقطع التجارة مع أي بلد يتعامل تجاريا مع كوريا الشمالية، معتبرة أنه «غير موضوعي وغير عادي».

وقالت إن الصين بذلت «جهودا مضنية» لحل المشكلة النووية لكوريا الشمالية سلمياً، وإن مصالحها تتعرض للتهديد والضرر.