تكملة لما جاء في المقالة السابقة، أقول إن أمثال هذا الكائن لا يمكن أن تظهر بين شعوب حظيت بقدرٍ كافٍ من التعليم، ولا بصدقٍ وافٍ من الإعلام.

السبب يا عالم يا هوه، أو السببان هما "التعليم والإعلام"، وإن أردت أن تضيف إليهما "طبيعة المجتمع" كسبب ثالث، فسأقول لك إن طبيعة المجتمع تتشكل بالتعليم والإعلام.

Ad

تعليمنا التلقيني، الذي يقود إلى الجهل والدروشة، والحفظ بلا فهم، وتقديس المسؤولين ورجال الدين وكل ذي سلطة، ورفض النقاش والاعتراض، ومحاربة الابتكار والإبداع والخلق، والحض على التقليد الأعمى، ووو...، كل هذه الأمور مهدت الطرق وعبّدت الشوارع لوصول مواكب المشعوذين والدجالين أمثال هذا الكائن اللزج عمرو خالد، ليظهر بما ظهر به في حج هذا العام، من تمثيل مكشوف مستفز، كما شاهد الجميع.

أما الإعلام، فيكفيك، أيها المراقب من بعيد، أن تعرف أن حكوماتنا تتعامل مع الإعلاميين المستقلين الصادقين، كما تتعامل حكومات أوروبا مع سفاحي الأطفال، بل لا أبالغ إن قلت إن قسوة حكوماتنا على الإعلام الحر تفوق قسوة حكومات أوروبا على سفاحي الأطفال، إذ تتعامل أوروبا مع سفاحي أطفالها تحت مظلة القانون، بينما هنا لا قانون ولا مانون ولا مظلة ولا يحزنون... سرداب، وتعال يا ابن الكلب، يا اللي عامل لي فيها جيفارا، وبقدرة قادر (القادر هنا هو المسؤول عن السلطة) تتمدد العقوبة لتصل إلى أسرته وأقربائه وأصحابه!

ولا أظن أنني في حاجة إلى القول، إن ظهور التعليم والإعلام بهذه الصورة ليس مصادفة ولا تلقائياً، بل نتيجة تخطيط وتدبير وتحضير سلطوي، يشرف عليهما، خصوصاً الإعلام، السادة الجلاوزة الأفاضل في الاستخبارات ملوك السراديب المظلمة.

لذا، ونتيجة لكل ذا، يظهر أمثال هذا الكائن اللزج على السطح، ويتكاثرون، ويتغذون على حشائش عقولنا وجيوبنا... بالهناء والشفاء والرفاء والبنين.