لو أن عبدالله صالح فعل هذا!

نشر في 06-09-2017
آخر تحديث 06-09-2017 | 00:20
 صالح القلاب "الشقي من اتعظ بنفسه والسعيد من اتعظ بغيره"، كان على الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح أن يكتفي بثلاثة عقود من حكم كان "تبغدد" فيه بالطول والعرض، ويترك هذا الأمر لآخر، إن ليس بالإمكان أن يختاره الشعب اليمني فتتفق عليه مراكز القوى والتيارات السياسية والأحزاب الفاعلة، خاصة أن ثورة شعبية قد أطاحته، وأنه ذهب إلى الرياض لتوقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي كبديل لإسقاطه بالقوة وإلقاء القبض عليه ومحاكمته، ربما أمام محكمة عسكرية، على كل ما ارتكبه من تجاوزات ومصائب خلال كل هذه السنوات الطويلة.

"لو دامت لغيرك لما وصلت إليك"، وكان على علي عبدالله صالح، وهو يوقع المبادرة الخليجية، التي كانت مخرجاً معقولاً لأزمة طاحنة كان من الممكن أن توصل اليمن منذ ذلك الحين إلى ما وصلت إليه سورية، من دمار وخراب وتشرذم وإراقة دماء وتشرد وانهيار، أن يتذكر كم عدد الرؤساء الذين استهلكهم اليمن الشمالي، واليمن الجنوبي أيضاً، وأن الوحيد من بين هؤلاء جميعاً هو عبدالله السلال، هذا الرجل الطيب الذي غادر الحكم كما جاء إليه بدون حتى ولا "شروى نقير"، وبدون بطانة أكلت الزرع وأهلكت الضرع، وبدون أن يفكر حتى مجرد تفكير في أن يورث الكرسي، الذي كان يجلس عليه، لأحد أبنائه أو أحد أقاربه.

عندما رسم علي عبدالله صالح على شفتيه ووجهه ابتسامة صفراء، وهو يحملق في من حمل إليه ملف المبادرة الخليجية، المشار إليها آنفاً، بعينين تطفحان بالمكر والخديعة، والصور لا تزال متوفرة وموجودة، فإن كثيرين لم يستشعروا بل تيقنوا أن هناك "خديعة" لن تكون بعيدة، وأن القادم سيكون أعظم، وأن اليمن لن يسلم مما حل بالعديد من الدول العربية، وحقيقة ان هذا ما حصل حتى "قبل أن يصيح الديك"، وان شهوة السلطة والحكم جعلت هذا الرجل يتحالف حتى مع الذين خاض ضدهم ست حروب دامية، قتل خلالها أهم زعمائهم، والذين ها هم الآن بعدما استتبت لهم الأمور، بدعم متواصل من إيران، يردون لحليف "الحاجة" هذا الصاع صاعين، وهكذا فإنه غير مستبعد أن يظهر معلقاً على عود مشنقة في "صعدة"، وخاصة إن بقيت الأمور تسير في الاتجاه الذي تسير فيه الآن.

لقد كان على الرئيس اليمني السابق، الذي يوصف بأنه مناور بارع، أن يحسب حساب يوم بائس كهذا اليوم، وهو يوقع المبادرة الخليجية بحبر ممزوج بنوايا تآمرية سيئة، فالمثل يقول "كما تدين تدان"، ولعل أقسى ما يواجهه حتى الإنسان العادي هو أن يضطر إلى الكذب على نفسه، وأن يبجل حليفاً انقلب عليه وتحول إلى عدو مبين، والمفترض أن يتمنى علي عبدالله صالح الموت على أن يقف هذا الموقف، ويضع نفسه في الوضع الذي هو فيه الآن.

ويقيناً لو أن علي عبدالله صالح قرأ ولو القليل من تاريخ اليمن لعاد من الرياض وهو يحمل ملف المبادرة الخليجية بهامة مرتفعة تلامس غيوم سماء مأرب وصرواح، ولأعلن لشعبه، الشعب اليمني العظيم، أنه يشرفه أن يعود ليكون مواطناً عادياً، وأنه على استعداد ليضع كل ما يملكه بين أيدي اليمنيين، ويقضي ما تبقى له من العمر مرتاح البال... وقدوته في هذا كله ذلك اليمني الطيب الجنرال عبدالله السلال، أمطر الله تربته بشآبيب رحمته.

back to top