ميانمار... الوجه البشع للنفاق العالمي
بمقارنة بين ردود أفعال العالم في الحوادث الصغرى أو الكبرى التي تقع لأي أقلية غير مسلمة، وبين ردود أفعالهم مع الأقليات المسلمة، تكتشف وبكل وضوح أن دعاوى حقوق الإنسان العالمية ليست إلا واجهة للنفاق العالمي الذي يفسر حقوق الإنسان فقط لغير العرب والمسلمين، فهذه المبادئ المزيفة تغيب أمام اضطهاد مسلمي الروهنغيا في ميانمار.
عشرات الألوف من الأقلية المسلمة (الروهنغيا) فروا من ميانمار بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها مؤخراً حسب تصريح مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وأما المغدور بهم من القتلى فلا توجد إحصاءات دقيقة بحصرهم، وما يجري في "بورما" بالتأكيد شكل فاضح من عمليات الإبادة المنظمة والتعذيب والقتل العشوائي واستخدام وسائل عنيفة في اضطهاد الروهنغيين وصلت حد الحرق والتمثيل بالأحياء وعدم الرحمة حتى بالأطفال والنساء والمرضى وكبار السن، لتظهر على الدنيا كافة عملية تطهير عرقي قائمة على أساس الدين، مستمرة منذ سنوات عديدة، ولا أحد يبادر بإيقاف هذه المجازر البشرية، والسبب واضح: الضحايا من أقلية مسلمة.قارن عزيزي القارئ بين ردود أفعال العالم في الحوادث الصغرى فضلاً عن الحوادث الكبرى التي تقع لأي أقلية غير مسلمة، وبين ردود أفعالهم مع الأقليات المسلمة، فستكتشف وبكل وضوح أن دعاوى حقوق الإنسان العالمية ليست إلا واجهة للنفاق العالمي الذي يفسر حقوق الإنسان فقط لغير العرب والمسلمين، وليس غريباً أن تدافع الدول الغربية بمنظماتها الأهلية ومؤسساتها الحكومية ومواقفها الرسمية دوماً عن الأقليات غير المسلمة في كل موقف، وتوفر لها الدعم في كل ساعة، وتؤيد حقوقها بالاستقلال والانفصال والفدرالية، وتمثلها في المحافل الدولية، وتمنع المساس بها فيما تغيب كل هذه المبادئ المزيفة أمام اضطهاد الأقليات المسلمة كما يجري من عقود طويلة لمسلمي الروهنغيا في ميانمار.
هل نلوم الغرب على هذا الانفصام الحاد في المعاملة أم نلوم العرب والمسلمين على تشرذمهم وضياع بوصلتهم وتخليهم عن قضاياهم الكبيرة والصغيرة؟ إننا نتساءل أين منظمة العالم الإسلامي عن إشهار هذه القضية في المحافل العالمية؟ وأين الدول العربية من هذا الحدث المخزي، ومن هذا النفاق العالمي ضد الإسلام؟ وأين المؤسسات الأهلية والمدنية والحقوقية الكبيرة؟ وأين وسائل الإعلام والقنوات الفضائية في وطننا العربي والإسلامي من التفاعل مع هذه الإبادة؟ وكم هو محزن أن يكون بيننا سفهاء يتباكون على التذكية بالأضاحي في النسك والمشاعر ويذرفون دموعاً كاذبة ويصمتون صمت المقابر على إبادة وقتل الأبرياء والضعفاء في الأمة. إن الواجب على العرب والمسلمين المبادرة الجادة لإيقاف مجازر حكومة ميانمار ضد الأقلية الروهنغية بالوسائل الممكنة، وصدق الله العظيم في قوله: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم". والله الموفق.