تقدّم روشاناك أمينيلاهي في معرضها الأول في «غاليري أيام في دبي»، سلسلة جديدة من اللوحات المرسومة باستخدام وسائط متعددة استوحتها من الميثولوجيا القديمة مثل «شاهنامه» وهي عبارة عن قصيدة ملحميّة كتبت نحو عام ألف للميلاد. كذلك يتضمّن المعرض لوحات ضخمة لمحاربين فرس إلى جانب قطع ترمز إلى قصص محدّدة. بالنسبة إلى الفنانة، لا تتحدّث هذه الصور الساحرة عن إرثها الإيراني فحسب وحضارتها الغنية التي ترعرعت في ظلّها، بل تعكس أيضاً تنوّع مدينة دبي، حيث عاشت الفنانة وعملت أكثر من عقد من الزمن. ورغم أنها ابتكرت سلسلتها الجديدة من خلال عدسة الثقافة الفارسيّة، فإن لوحاتها الجديدة تعكس مواضيع جامعة كونيّة مثل الحرب، والحب، والبطولة، موضوعات شعرية تتشارك بها الثقافات التي تحيا في هذه المدينة الكوزموبوليتية.
استلهمت الفنانة عنوان المعرض من إحدى اللوحات التي تصوّر البطلة «غوردافريد»، القوية، والمقاومة، ابنة المحارب المعروف، ويقال إنه حمى بلاد فارس من جيش الغزاة بعد أسر قائد الدفاع، وانضمت البطلة إلى المعركة متنكرة بزيّ جندي، وأعاقت تقدّم جيش العدوّ من خلال مجابهته بجرأة. وأشارت الفنانة في إحدى المقابلات إلى أن الأخبار التي سمعتها عن حمل كرديات في شمال سورية السلاح دفاعاً عن قراهم ذكّرتها بقصّة غوردافريد.يعدّ عمل «غوردافريد» الذي يمثّل محور المعرض، أكبر لوحات أمينيلاهي، إذ يرسّخ السلسلة من خلال صوره الشاهقة، فإلى جانب استعراض شخصيّتها الملحميّة، تصوِّر الفنانة «غوردافريد» باستخدام ضربات فرشاة مرتفعة توضع على القماش وفق تقنيّة مبنيّة على خلط طبقات الطلاء ومراكمتها، فيعطي الملمس الناتج بدوره وهماً بالحركة، كما لو أن الشخوص التقطت في منتصف المشهد. تصف أمينيلاهي هذه التقنيّة كطريقة لتشكيل «بيكسل» من خلال الطلاء، احتذاء بتقاليد الفنانين الانطباعيين الذين استكشفوا العلاقات بين الألوان من خلال ضربات فرشاة نقطيّة. بهذه الطريقة تعيد الفنانة إحياء جماليات المنطقة، مستلهمة الوحي من مصادر عدة، في حين تبني على التاريخ الأوسع لفن التشكيل في الوقت ذاته.
نبذة
روشاناك أمينيلاهي، تشكيلية إيرانية تدربت في البداية في مجال تصميم الغرافيك في جامعة الزهراء (1995)، وجامعة أزاد (2000) في طهران. اليوم تسعى إلى التخرج في أكاديميّة الفنون في سان فرنسيسكو ضمن مجال الرسم Illistration. تتلمذت في إيران على يد فنانين مؤثرين أبرزهم هانيبال الخاص وبهرانم كالهوميا. عام 2013 بدأت العمل بشكل وثيق مع الفنان رضا ديراكشاني في دبي، وعملت كبروفسور مساعد في جامعة آزاد في طهران. تدرّس اليوم في فرع الجامعة ذاتها في دبي. كذلك ألقت محاضرات تعليميّة في مجال تصميم الغرافيك والإعلان في جامعات عدة.تتراوح لوحاتها التعبيريّة من التجريد إلى التشكيل، وهي عادة تستخدم الاستعارة والرمزية عند التطرّق إلى قضايا معاصرة على غرار الحرب والصراع الاجتماعي. تحتلّ الميتولوجيا القديمة والشعر وبشكل خاص «شاه نامه» مكانة محوريّة في أعمالها الأخيرة التي نفذت من خلال بناء طبقات سميكة من الطلاء وضربات فرشاة ثقيلة تشكِّل صوراً متعددة الأبعاد ذات ملمس نافر، فأسطح لوحات أمينيلاهي المحسوسة تذكّر بالمقاربة النحتيّة في مجال التشكيل التي كان أول فنانو منطقة خليج سان فرنسيسكو في القرن العشرين من أمثال «جاي ديفو» روادها، في حين أن أعمالها النقطيّة المنفذة على الورق تعيد إلى الذاكرة فن البلاط الفسيفسائي الحاضر بوفرة ضمن أعمال الهندسة الإسلاميّة في إيران. عرضت أمينيلاهي لوحاتها في مساحات فنيّة ومعاهد في إيران، بما فيها متحف طهران للفنون المعاصرة. إضافة إلى مسيرتها الفنية كفنانة وأكاديميّة، عملت كمصممة غرافيك ومديرة فنية أكثر من عقدين من الزمن. من ضمن آخر المعارض الفنية التي أحيتها، في غاليري أيام القوز، دبي (2017)، وغاليري اعتماد، طهران (2015). وألقي الضوء على أعمالها في المعرض الجماعي الذي استضافه متحف صلصالي الخاص عام 2016.