انتشر مفهوم غير صحيح بين الكثيرين من رواد الصيدليات أن الشعور بالحموضة أو «الحارج» بالعامية سببه زيادة إفراز الحمض المعدي نتيجة الإفراط في الأكل أو بعد الانتهاء من الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والسكرية! ويتبادلون المحاولات للتخلص منها، إما عن طريق شرب الحليب البارد أو أكل الخيار أو اللجوء إلى أدوية النفخة والغازات، أو أدوية مثبطات إفراز الحمض في المعدة (مضاد للحموضة)، وهنا تكمن المصيبة! فتبوء المحاولات بالفشل!فالصيادلة والأطباء يعرفون سريريا أن تركيز الحمض في المعدة وأبخرته الناتجة عن الهضم، يُحكم غلق صمام المعدة بعد الأكل بإحكام شديد، ولا يسمح للحمض أن يخرج بالعكس إلى البلعوم، مما يعني أن الشعور بـ»حرقة المعدة» ناتج عن ارتخاء في هذا الصمام لنقص إفراز الحمض المعوي اللازم لهضم الوجبة، لا سيما البروتينية أو الدسمة.
لذلك فإن استعمال أدوية تثبيط الحمض هذا يزيد المعدة سوءا، وإن كان مفعوله في البداية سحريا، ويتسبب في اضطراب الهضم وانتفاخ وألم، وسوء مزاج، وإنهاك وتعب، وقد ينتج عنه التهابات معوية وارتفاع البكتيريا الضارة في الأمعاء، فتظهر في رائحة الفم أثناء «التكرع»، أو كحبوب على البشرة، ويزيد من حساسية الجهاز الهضمي، ويتعرض المريض للتسمم بمواد غذائية وللسرطان.كما يلاحظ الكثيرون من مستخدمي هذه العلاجات أن الحالة تزداد سوءا في كل مرة من استعمال «مضادات الحارج» لما يرونه من تغطية مؤقتة فقط للأعراض، وتكون أسوأ هضما من المرة الأولى، مما يتسبب في فقر بامتصاص الأمعاء لبعض المواد الغذائية مثل الزنك والكالسيوم والحديد وغيرهم، مما يفسر الإصابة ببعض حالات لين العظام وتساقط الشعر وتقصف الأظافر والأكزيما عند من يكثر من استعمال هذه المثبطات، لما ينتج عنها من نقص في المواد اللازمة لصحتها.لذلك فإنه من الحكمة أن يبتعد الشخص المعرض لذلك عن التدخين والأكلات السريعة وأن يقلل من المنبهات، لما تسببه من اضطرابات في إفراز حمض المعدة، كما ينصح بمحاولة تعويض المعدة ومساعدتها في إعادة إفراز الكمية اللازمة للحمض ولهضم الطعام جيدا، ولا سيما البروتيني منها. كل ذلك يعمل على بقاء صمام المعدة مغلقا بإحكام ولا يعود بالارتجاع، قاذفا الأكل والقليل الحمضي نحو مجرى الأكل (الحلق)! ويمكن مساعدة المعدة في إنتاج الحمض بأخذ ملعقة كبيرة من خل التفاح في نصف كوب ماء قبل الوجبة، أو مص قليل من الليمون المر، وننصح بمضغ الطعام جيدا، وعدم الاستعجال في الأكل، حتى يسمح لحساسات التذوق في اللسان بالتعرف على الطعام بأنواعه، وإفراز الحمض المعوي بشكل كاف لهضمه جيدا. وللعلم أن مضادات الحموضة على اختلاف أنواعها، ربما تنفع للحلول السريعة على ألا يعود لذلك مرة أخرى لتجنب مضاعفاتها وتعارضها مع الأدوية الأخرى!* باحثة سموم ومعالجة بالتغذية
مقالات - اضافات
ما لا تعرفه عن «الحارج» وعلاجاته
08-09-2017