الأسد و«العدو الصهيوني»!

نشر في 08-09-2017
آخر تحديث 08-09-2017 | 00:24
 صالح القلاب بعد يوم واحد من وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في برقية تهنئة لرئيس نظام دمشق، لـ"الإنجازات" العسكرية، التي يقال إنه تم تحقيقها على مشارف دير الزور، بـ"الانتصار الاستراتيجي العظيم"، نفذت إسرائيل هجوماً جوياً على مكانٍ في منطقة مصياف بالقرب من مدينة حماة، يقال إنه يحوي "معملاً" لإنتاج أسلحة محرمة دولياً قد يكون من بينها "غاز السارين" الذي استُخدِم مرات متعددة خلال الأعوام الستة الماضية ضد أبناء الشعب السوري من بينها جريمة "خان شيخون" المعروفة، وبالطبع فإن رد النظام على هذا الهجوم قد جاء بالصمت المريب كأن شيئاً لم يكن.

في العادة، حتى في عهد حافظ الأسد، كان الرد، على الاعتداءات الإسرائيلية المتلاحقة على مواقع "منتقاة" في سورية تهديدات من العيار الثقيل بتلقين "العدو الصهيوني" درساً لن ينساه، والحقيقة أن كل تهديد بقي يلد تهديدات كثيرة إلى حد أنه لو تم تنفيذ عُشر هذه التهديدات لما كانت هناك دولة إسرائيلية، أو على الأقل لكانت هضبة الجولان الآن غير محتلة، وأيضاً لكانت فلسطين محررة من البحر إلى النهر، ولأصبح البحر الأبيض المتوسط، بمعظمه، من لواء الإسكندرون "العربي" حتى طنجة في الغرب بحيرة عربية.

حتى حسن نصر الله، الذي كان قبل يوم واحد فقط يتحدث عن أنه لا عربدات إسرائيلية بعد الآن، قد لاذ، كالعادة، بصمت أهل القبور، وذلك مع أن الطائرات الإسرائيلية التي أطلقت صواريخها على الموقع السوري، الذي يسود اعتقاد أنه عبارة عن مجمع لإنتاج الأسلحة المحرمة دولياً، كانت تحلق فوق الأراضي اللبنانية، بل فوق مناطق انتشار قوات "حزب الله" التي تمثل دورها في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي بعقْدِ اتفاق "أُخوَّة" معه، ونقل مقاتليه بحافلات "مكيفة" حتى الحدود السورية- العراقية.

"أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة... ربداء تجفل من صفير الصافر".

ولعل ما بات واضحاً ومعروفاً أنَّ كل هذه الانتصارات، التي يتغنى بها الإعلام الرسمي السوري، والتي يتغنى بها أيضاً أتباع نظام بشار الأسد، هي من صنع الدولة العظمى روسيا الاتحادية ومعها إيران التي تُعتبر ثاني قوة إقليمية في هذه المنطقة، والحقيقة أن "القطر العربي السوري" بات الآن دولة محتلة، وقراره ليس في دمشق بل في موسكو، وسيأتي اليوم الذي سيلجأ فيه الشعب السوري كله إلى خوض غمار حرب تحرير شعبية ضد المحتلين الروس وحلفائهم الإيرانيين... والأيام قادمة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون.

ويُفترَض أن الأسد، الذي مثله مثل الذين يعيشون في جزر "الماو ماو"، لا يعرف عمّا يجري في بلده إلا من خلال ما تبثه الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى، يعرف ويعلم أنَّ كل غارات إسرائيل الجوية وكل ضربات الصواريخ الإسرائيلية المتلاحقة على منطقة المزة في دمشق وعلى كل المواقع الحساسة في سورية قد تمت بموافقة روسية مسبقة، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أقرب منه كثيراً إلى "الرفيق" فلاديمير بوتين وإلى سيرغي لافروف، علماً بأن الموقف الروسي الفعلي بالأساس هو إلى جانب إسرائيل، وأن كل هذا الذي يقوم به الروس في "القطر العربي السوري" هو مجرد ورقة للاستهلاك، ولتحسين مواقعهم في هذه المبارزة المحتدمة بينهم وبين الولايات المتحدة الأميركية.

back to top