باتفاقه المفاجئ أمس الأول مع قادة الحزب الديمقراطي على رفع سقف الدين العام مدة ثلاثة أشهر، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وجه آخر من ميوله السياسية، التي دائماً ما كان يتم التنبيه إليها خلال تقييم الخلفيات التي تتحكم بقراراته، سواء على المستويين الداخلي أو الخارجي.فالرئيس الذي لا تحكمه ايديولوجيات محددة نجح بحسب العديد من المراقبين في تحويل خلافه مع الديمقراطيين، إلى مناسبة لتجديد الخطاب عن الشراكة والوحدة الوطنية، عبر منحهم اتفاقا شكل صدمة للجمهوريين، وأوقع حزبهم في حيرة وارتباك من فهم خلفيات خطوته.
في اللقاء الذي جمعه بقادة الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب وبحضور وزير ماليته، الذي كان يشرح فضائل الاتفاق على رفع سقف الدين العام مدة 18 شهرا، قاطعه ترامب خلال مداخلته معترضاً على هذا الاقتراح. فما كان من الجمهوريين إلا التراجع نحو اقتراح لرفع سقف الدين مدة ستة أشهر. عندها تدخل ترامب قائلا إنه يفضل اقتراح الديمقراطيين باعتماد ثلاثة أشهر، فاسحاً المجال أمامهم للعب دور أكبر في مناقشة الميزانية العامة وخطته لخفض الضرائب، ومشيرا بشكل صريح إلى استعداده لتقبل أي اقتراح منهم يعالج قضية "الحالمين" المعروفة بقانون "داكا"، فارضاً على الجمهوريين وخصوصا المتشددين منهم بقبول شراكتهم في مناقشة القضية على خلفية "انسانية"، بحسب تسريبات من الاجتماع.ترامب لم يكتف بذلك بل منح مرشحة الحزب الديمقراطي هايدي هايتكامب التي تواجه منافسة صعبة في ولاية نورث داكوتا الجمهورية، دعما غير مسبوق على منافسها الجمهوري، حين اصطحبها إلى منصة مهرجانه في تلك الولاية التي فاز في انتخاباتها عام 2016 بتفوق تجاوز الـ36 في المئة على منافسته هيلاري كلينتون.تلك المفاجآت وصفها البعض بالاستدارة غير المسبوقة من الرئيس. فقد بدا أنه في طريقه إلى تعميق خلافه مع قادة حزبه، الذي بدأ خلال شهر أغسطس المنصرم على خلفية انتقاداته لعجز الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلسي الشيوخ والنواب من إنجاز اي مشروع قانون خلال 8 اشهر، سواء لاستبدال قانون التأمين الصحي المعروف بأوباما كير أو وضع مشروع موازنة متوازنة او اقرار ميزانية لبناء الجدار مع المكسيك او لإعادة تجديد البنى التحتية وصولا إلى قانون خفض الضرائب.وباستثناء قراراته التنفيذية، تقول بعض الاوساط المطلعة، إن ترامب لم ينفذ أيا من وعوده الانتخابية في هذه المجالات الحساسة، مما فرض عليه الابتعاد عن إخفاقات حزبه، في ظل تقاذف الاتهامات بينهم واعتبار كل طرف انه ينطق باسمه لا باسم الحزب او الادارة، في تذكير بكلام وزير خارجيته ريكس تيلرسون بعد احداث العنف في فيرجينيا وزعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وكذلك رئيس مجلس النواب بول راين في قضية "الحالمين".إشراك الديمقراطيين حرم الجمهوريين التفرد في تقرير مصير الموازنة وقانون الضرائب وسقف الدين العام، مما كان سيسمح لهم بالتفرغ للانتخابات التجديدية المتوقعة خريف العام المقبل وفي جعبتهم "إنجازات" تعفيهم من الدخول في مواجهات انتخابية مع جمهور سيقرر في صناديق الانتخابات مصير العديد من نوابهم وشيوخهم.غير أن أوساطا أخرى شككت في الاسباب التي دفعت ترامب إلى قبول اشراك الديمقراطيين ومحاولة استرضائهم. وفي حين اعتبر البعض أن نجاحه في استمالة الديمقراطيين سينعكس سلبا على قاعدتهم الشعبية وعلى تماسك الاجنحة المكونة لتيارهم، عزا آخرون الأمر إلى اسباب لها علاقة بملف التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية. سواء للتغطية عليه وإقناع الديمقراطيين بوقف حملاتهم ضده في هذا المجال، او لتعزيز المنحى التصادمي المتصاعد مع موسكو في العديد من الملفات الدولية، واستعداد ادارة الرئيس لمزيد من التشدد.وكائناً ما كانت الأسباب الموجبة لهذه الاستدارة، فقد أجمعت معظم التعليقات على أن المشهد السياسي في واشنطن مقبل على تغييرات لم تكن في الحسبان.
ضربة جديدة إلى مرسوم الهجرة
وجهت محكمة استئناف سان فرنسيسكو، أمس الأول، ضربة جديدة الى مرسوم الهجرة المثير للجدل والصادر عن إدارة دونالد ترامب، إذ سمحت بدخول بعض اللاجئين إلى الاراضي الاميركية.وأكدّ قضاة محكمة سان فرنسيسكو قرارا لمحكمة هاواي الفدرالية استأنفته الادارة الاميركية ويقول ان مرسوم الهجرة يجب ان "يستثني اللاجئين الذين لديهم تأمين رسمي من وكالة في الولايات المتحدة" تتعهد بأخذهم على عاتقها. وبالتالي، يمكن ان يفتح القرار الطريق لدخول حوالي 24 الف لاجئ تمت الموافقة على طلبات اللجوء التي قدموها.