بالعربي المشرمح: الحركة الليبرالية الكويتية!
لي علاقة بمؤسسها الأخ أنور الرشيد، حيث إنني التقيته منذ زمن من خلال لقاءات لشخصيات وطنية إصلاحية من أبناء وطني، وكان أنور أحدهم وتحدثنا عن فكرته في إنشاء حركة ليبرالية كويتية صريحة دون رتوش أو مسميات أو غطاء لكي يتقبلها المجتمع الذي تعتقد أغلبيته أن الليبرالية كفر وفجور، وليست كما هي فكرة لدولة مدنية دون مساسها بالعقائد الدينية أو المذهبية، وهو ما يؤمن به أنور الرشيد وزملاؤه مؤسسو الحركة الليبرالية الكويتية، كأول حركة صريحة تحمل اسم الليبرالية.ولأن المجتمعات العربية ترسخت لدى معظمها فكرة أن الليبرالية انحلال وفجور وكفر فمن الصعوبة أن يتلقاها مجتمع لا يفرق بين العقيدتين السياسية والدينية، فالعمل السياسي عمل معقد في ظل علاقات بين دول مختلفة معظم دياناتها مختلفة وتحكمها المصالح الاقتصادية والاستراتيجية ولا علاقة للدين بتلك المصالح. والدولة المدنية في ظل جهل المجتمعات بحقوقها وواجباتها هي الضمان الحقيقي لكل ما لها وما عليها، بل هي الوسيلة العلمية لرقي الشعوب واحترامها لكل مكونات الدولة في اختلاف الأفكار والمعتقدات والمذاهب، ولأننا نعيش زمن الاقتتال الطائفي والتمزق المذهبي والفكري وعدم إيماننا بالآخر وما يؤمن به، فإن الدول العربية لا يمكن لها أن تنهض بلا فكرة جديدة كالدولة المدنية التي ترعى التعايش السلمي لكل مكوناتها الدينية والعرقية والفكرية وتحمي جميع أعضاء المجتمع وتحافظ عليهم بغض النظر عن اختلاف العقائد والطوائف، وبشرط عدم انتهاك أي حق لأي فرد فيها من قبل أي طرف، وهو أمر سيحاربه الكثيرون بحجة أنها فكرة ملحدة وكافرة وأنها دعوة للانحلال الأخلاقي.
وحتى لا يخرج لنا رجعي أو صاحب مصلحة فيتهم من يؤيد الفكرة بالإلحاد ليقيم عليه الحد، أودّ أن أذكر القارئ بالتجارب التي مررنا بها باسم الدولة الدينية والظلم الذي عمّ شعوبها باسم الدين والحروب التي قاتل بعضنا بعضا فيها باسم الدين ودمرنا أوطاننا وأسأنا للدين وتعاليمه السمحاء، وشوهنا حقيقته واستخدمناه لأغراض سياسية ومصلحية، في حين أن الدولة المدينة لا تقف ضد الدين ولا ترفضه، بل تعتبره عاملاً أساسياً، ومهماً للرقي بالدولة وحث أفرادها على التقدم والإنجاز، وللأسف فإن البعض يدمج الدولة المدنية في العلمانية، وشتان بين كلتيهما، باستثناء النشاط السياسي فقط.يعني بالعربي المشرمح:الجرأة التي اتسم بها مؤسسو الحركة الليبرالية الكويتية لمواجهة مجتمع أغلبيته لا تتقبل الفكرة نعتبرها الحادية في الطريق الصحيح، لاسيما أن مجموعات كثيرة سبقتها إلى ذات الفكرة، ولكنها كانت على استحياء وخوف وبمسميات عدة، الأمر الذي جعلها تفشل، لذلك على المجتمع ألا يحاربها قبل أن يرى أفكارها ويعيها، وعليه ألا يكون ببغاءً تردد ما يقوله خصوم هذه الحركة دون معرفة بحقيقتها، كما أن عليه النظر بعين الحكمة والعقل إلى كل الدول الدينية من حولنا، ومقارنتها بالدول المدنية وحقوق مواطنيها.