جددت الكويت والولايات المتحدة الأميركية، أمس الأول، التزامهما المشترك بالاستقرار والأمن، وذلك في البيان الذي صدر في ختام الحوار الاستراتيجي الثاني بين البلدين، واتفقا على أنه يلتئم الحوار الاستراتيجي الثالث بين البلدين في الكويت خلال العام المقبل.

وذكر البيان الختامي للحوار الذي ترأسه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون انه تمت مناقشة المجالات المحددة للتعاون بهدف تطوير الشراكات الثنائية لمصلحة البلدين.

Ad

وأشار البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية الأميركية الى أن كبار المسؤولين الأميركيين والكويتيين جددوا اتفاقيات الشراكة في قضايا الدفاع والأمن والتجارة والاستثمار والتعليم والقنصلية والجمارك وحماية الحدود، والتزام البلدين بتعزيز الاستقرار والأمن في منطقة الخليج والشرق الأوسط الأوسع، بما في ذلك استهداف ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وغيره من التنظيمات المتطرفة العنيفة».

ولفت الى «أن الجانبين أجريا محادثات سياسية حول عدة مواضيع من بينها التوترات بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث أعرب الوزير تيلرسون عن امتنانه لجهود الكويت لتخفيف حدة هذا التوتر»، مشيرا الى أن «البلدين يتشاركان في وجهة نظر واحدة حول اهمية وحدة دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة التحديات الكثيرة بالمنطقة».

وأشاد تيلرسون بجهود الكويت بالمجال الإنساني في بعض أكثر المناطق اضطرابا بالعالم، ومساعداتها المباشرة للمهجرين واللاجئين في المنطقة، كما أعرب عن تقديره الخاص لعرض الكويت استضافة مؤتمر للمانحين لإعادة بناء العراق، وذلك في عام 2018.

واتفق البلدان على العمل عن كثب في مجال التعاون الدفاعي، حيث تم التوصل الى اتفاق لرفع مستوى القدرات الدفاعية للقوات المسلحة الكويتية، وذلك بموافقة الولايات المتحدة على تقديم معدات عسكرية حديثة ومتطورة للكويت بما فيها مقاتلات «سوبر هورنيت إف ايه 18» للقوات الجوية الكويتية.

ورأى البيان أن «الولايات المتحدة والكويت تتقاسمان مسؤوليات التعاون في مجال الدفاع والمكافحة المشتركة للإرهاب، وانه كرمز دائم لالتزامنا بتحقيق الشراكة لمستقبل آمن اتفقنا اليوم على أولوية المضي قدما في تحديث المرافق العسكرية بالكويت مسترشدين باللجنة العسكرية المشتركة».

وأضاف أنه «في مواجهة التهديد الإرهابي العالمي وافقت الكويت والولايات المتحدة على تنسيق الجهود الأمنية بما في ذلك تعزيز تبادل المعلومات الثنائية، ومنها على سبيل المثال المعلومات البيومترية لردع الهجمات الإرهابية، كما سيتخذ الجانبان المزيد من الخطوات لمنع تمويل الإرهاب ووقف تدفق الإرهابيين الأجانب الى المنطقة، وهو ما يعتقد بأنه انخفض بشكل ملحوظ أخيرا، كما نشدد على ضرورة مواصلة التعاون في إعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم».

وأفاد البيان بأن «الولايات المتحدة والكويت وشركاءنا الآخرين في الائتلاف العالمي يقفون معا في الكفاح المشترك ضد (داعش) حتى يتم هزيمته فيما يعتبر منع تدفق المقاتلين الاجانب جزءا رئيسا من جهودنا الرامية لهزيمة التنظيم والكويت تشارك في قيادة فريق عمل الائتلاف الخاص بالمقاتلين الأجانب».

الأمن الإلكتروني

وأوضح أن مسؤولي سياسة الإنترنت الأميركية والكويتية اجتمعوا أيضا لوضع استراتيجية للتعاون على المدى الطويل ضد الهجمات الإلكترونية، حيث أكدت الولايات المتحدة أن القطاعين العام والخاص على أهبة الاستعداد لدعم الكويت في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية للأمن الالكتروني.

كما استضافت غرفة التجارة الأميركية المنتدى الاقتصادي بين الولايات المتحدة والكويت، وتم خلاله التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة التجارة وهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية تهدف إلى تعزيز التجارة والتبادل التجاري، كما أنه خلال المحادثات أكدت الكويت أن أولويتها تتمثل في اتخاذ خطوات لتسهيل ممارسة الأعمال فيها، بينما أكد الجانبان انهما سيسعيان إلى إزالة أو تخفيف أي عوائق أمام الاستثمار الثنائي.

وقال انه إضافة إلى ذلك وقعت وزارة الخارجية الأميركية ووزارة التعليم العالي الكويتية مذكرة تفاهم من شأنها أن تشجع التبادل الطلابي والتعاون في مجال التعليم عبر مؤسسات التعليم العالي ومراكز الأبحاث، مشيرا الى أن أكثر من 15 ألف كويتي يدرسون حاليا او يستعدون للدراسة في الولايات المتحدة.

كما وقع المسؤولون من البلدين على اتفاق للمساعدة الجمركية المتبادلة يهدف الى تحسين تبادل المعلومات والتدريب وإنفاذ قوانين الجمارك والهجرة، فيما جدد البلدان تأكيد التزامهما بحماية المواطنين الكويتيين والأميركيين «من خلال العمل على تسهيل السفر الآمن لمواطنينا ومواصلة مزامنة شراكاتنا الأمنية على الحدود».

حوار استراتيجي

وكان الخالد ونظيره الأميركي ترأسا، أمس الأول، الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي بين الكويت والولايات المتحدة الأميركية.

وألقى الخالد كلمة ثمن فيها عاليا ما ذكره الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء لقائه مع سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من تأكيد التزام الولايات المتحدة بأمن وسلامة واستقرار الكويت.

وقال إن هذا اللقاء يأتي استكمالا للقاء التاريخي والمهم الذي عقد يوم أمس الأول بين سمو الأمير والرئيس الأميركي «لنستكمل ما بحثه قادتنا ونعمل على تنفيذه لكي نرسم مستقبل العلاقات لـ25 سنة القادمة، بما يعكس رؤية قيادتينا وتطلعات شعبينا».

وأضاف الخالد أنه «تتويجا للعلاقات المتينة بين بلدينا الصديقين، فقد تم التوقيع خلال زيارة سمو أمير البلاد الى واشنطن، وكذلك خلال عقد الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي على سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات مكافحة الإرهاب والجمارك والبترول والتعليم العالي والبحث العلمي والاستثمار والكهرباء والماء تضاف الى الـ16 اتفاقية التي تم إبرامها سابقا ليصبح إجمالي الاتفاقيات بين بلدينا الصديقين 23 اتفاقية».

وذكر الخالد أنه على الصعيد السياسي «لابد لي من الإشادة بالتنسيق والتواصل المستمر بين بلدينا الصديقين وتطابق المواقف والرؤى تجاه العديد من القضايا والمواضيع ذات الاهتمام المشترك».

وتابع أنه في الجانب العسكري تقدم الكويت تسهيلات للقوات الأميركية الذين يعملون ضمن التحالف الدولي لمحاربة ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مع تأكيد أهمية الاتفاقية الدفاعية المبرمة بين البلدين في عام 1991.

وعلى صعيد التعاون الأمني، أوضح أنه تم التوقيع على ترتيبات بشأن تبادل المعلومات الخاصة بالتحقق من الإرهاب، يضاف إلى ذلك التعاون في مجال معالجة الثغرات الأمنية في مطار الكويت الدولي، والذي وصل إلى مراحل متقدمة.

وأشار الى أن الجانب الكويتي يتطلع إلى استكمال التعاون لتطبيق المعايير الأمنية في مبنى الركاب الجديد لمطار الكويت، وإنشاء مكتب لإدارة الجمارك وأمن الحدود الأميركية، وإلى جعل الأمن السيبراني أحد القضايا الرئيسة للتعاون في المرحلة المقبلة.

وفي الجانب الاقتصادي والاستثماري، أفاد بأن المنتدى الاقتصادي الذي عقد يوم الأربعاء الماضي حظي بالقبول والنجاح.

وفيما يخص حجم التبادل التجاري بين البلدين، قال إنه بلغ حتى منتصف هذا العام أربعة مليارات دولار، متطلعين الى بذل المزيد من الجهد لمضاعفته مستقبلا.

وعلى صعيد التعاون التعليمي والثقافي، بيّن أن مسيرة التحصيل العلمي للكويتيين في الولايات المتحدة الأميركية بدأت منذ أكثر من 70 عاما، حيث درس وتخرج الآلاف من المواطنين الكويتيين، ومنذ الجولة السابقة للحوار تم إرسال ما يقارب 2000 مبتعث جديد للدراسة في الجامعات الأميركية.

وأكد الخالد في هذا السياق تطلع الكويت إلى زيادة أعداد طلبتها الدارسين في الولايات المتحدة، الذين بلغ عددهم 15 ألف طالب وطالبة.

وأعرب عن أمله في الخروج بنتائج ملموسة تفضي إلى ترسيخ العلاقات بين البلدين واستشراف فضاءات أوسع لتعزيز شراكتنا على مدى العقود القادمة، متطلعين لعقد الجولة الثالثة من الحوار في السنة القادمة بالكويت.

مبادرات جديدة

من جهته، أكد تيلرسون أهمية الحوار الاستراتيجي بين بلاده والكويت، والذي يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والدفاعية والتعليمية والسياسية.

وقال تيلرسون في كلمته إن «الحوار الاستراتيجي هذا يعمق علاقتنا الوثيقة، وينمي الروابط بين شعبينا، ويعزز التعاون العملي من أجل أمن وازدهار دولتينا»، مشددا على ان المبادرات الجديدة التي أعلنت أخيرا بين البلدين «دليل ملموس على علاقاتنا الوثيقة وشراكتنا»، منوها بالاجتماع الذي عقد بين سمو أمير البلاد والرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض.

وأشار في هذا السياق الى «أن الرئيس ترامب وأنا معه عقدنا اجتماعا مثمرا للغاية في البيت الأبيض مع سمو الأمير، حيث جدد الرئيس التأكيد على صداقتنا، وناقشنا عدة مسائل مشتركة في المنطقة».

وأعرب عن تقدير بلاده للقيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد، ومواصلتها دعم جهود الكويت في المساعدة على حل الأزمة الخليجية، لافتا الى «أن الولايات المتحدة والكويت تقدران مدى أهمية مجلس التعاون الخليجي في الوقوف أمام التحديات التي نواجهها معا بالمنطقة».

كما أكد أن بلاده تقدر جدا قيادة الكويت في مجال الالتزامات الإنسانية التي تساعد على استقرار المنطقة، موضحا في هذا الاطار أن الكويت قدمت خلال السنوات القليلة الماضية أكثر من 9 مليارات دولار كمساعدات إنسانية للمحتاجين في سورية والعراق والأردن ولبنان، ومشيرا الى أن «الكويت هي ثاني أكبر مانح إنساني في العالم بعد الولايات المتحدة».

وفي ختام كلمته، توجه وزير الخارجية الأميركي بالشكر الى الوفد الكويتي الذي عمل بجهد كبير ومن دون كلل مع فريقنا للتقدم بالأجندة المشتركة، ونحن نتطلع قدما لتطبيق الاتفاقيات الجديدة وتعزيز شراكتنا للسنوات المقبلة».

توقيع مذكرات واتفاقيات مشتركة

وقعت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية مع برنامج الولايات المتحدة للأسواق العالمية وإدارة التجارة الدولية في وزارة التجارة الأميركية، أمس الأول، على عدد من مذكرات التفاهم ومذكرة وثيقة ترتيبات تعاون بين الجانبين.

ووقع على الاتفاق المدير العام للهيئة الشيخ د. مشعل الجابر عن الجانب الكويتي، في حين وقعه عن الجانب الأميركي الرئيس التنفيذي لبرنامج الولايات المتحدة فريد فولكانسيك.

كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة التعليم العالي بالكويت ووزارة الخارجية الأميركية للتعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي.

وقع الاتفاقية عن الجانب الكويتي وكيل وزارة التعليم العالي، د. حامد العازمي، وعن الجانب الأميركي نائب مساعد وزير الدولة للشؤون العامة في مكتب شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية لورنس شوارتز.

وتهدف مذكرة وثيقة ترتيبات التعاون الى تبادل المعلومات عن بيئة الاستثمار في البلدين بغية تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر بين الكويت والولايات المتحدة الأميركية ولتبادل الخبرات في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

أما مذكرة التفاهم فهي تهدف الى تقوية ركائز العلاقات العائمة بين البلدين التي تمتد جذورها لخمسة أجيال من الكويتيين الذين درسوا في جامعات وكليات أميركية، وتشجيع التعاون في مجالات تعليم اللغة الإنكليزية والإرشاد الطلابي.

الخالد التقى السفير السعودي بواشنطن

التقى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، أمس الأول، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأميركية الأمير خالد بن سلمان آل سعود.

ويأتي اللقاء في إطار زيارة الخالد إلى واشنطن للمشاركة في الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي بين الكويت والولايات المتحدة الأميركية.

وحضر اللقاء كل من نائب وزير الخارجية السفير خالد الجارالله وسفير الكويت لدى الولايات المتحدة الأميركية سالم الصباح ومساعد وزير الخارجية لشؤون مكتب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية السفير الشيخ د. أحمد ناصر المحمد.