أول العمود:

الدفاع عن طائفة الروهينغا في ميانمار من زاوية دينية لن يجدي نفعاً، فمبدأ المواطنة الذي سُلب منهم عام ١٩٨٢ هو أنجح مدخل للتعبير عن مأساتهم.

Ad

***

«الكويت كلها مطاعم»! «معارض الشباب ما فيها إلا كب كيك»! انطباعات وتوصيفات لم تنفك عن دائرة الاستهزاء أو تصغير مثل هذه الأنشطة الغذائية التي نراها في أسواق عطل نهاية الأسبوع في أرقى الدول، وقد يغيب عنا أن مثل هذه الأنشطة البسيطة قد تؤسس لمفهوم الصناعة الغذائية وبشكل علمي ومهني إذا ما لاقت عقولا غير تقليدية تستغل الفرص.

فالكويت شرعت قانون هيئة الغذاء والتغذية ١١٢/ ٢٠١٣، ولديها قانون للصناعة، وبنك صناعي وبنوك تجارية تُقرض المشاريع، وأراض زراعية وتوجه شبابي نحو الاهتمام بالتغذية من خلال استثمار أموالهم في قطاع المطاعم التي باتت وجهة للعائلات والسياح الخليجيين، ومؤخرا تم إقرار قوانين لدعم مثل هذه الصناعة كقانون المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، ففي كل البلدان التي تفخر بصناعاتها الغذائية تنتشر مثل المظاهر الموجودة لدينا، والتي تواجه من البعض بأسلوب السخرية مع الأسف!

في استطلاع رأي أُجري في أكتوبر الماضي أكد صناعيون كويتيون أن صناعة الغذاء من بين الصناعات الواعدة والمطلوبة في الكويت، وستساهم في ١.٧ مليار دينار من حجم الاستثمارات حتى عام ٢٠٢٠، بحسب خطة التنمية، وبمعدل سنوي يصل إلى ٣٤٩ مليون دينار، وقد توقعت شركة آلبن كابيتال للاستشارات المصرفية زيادة استهلاك الكويت للغذاء لتكون الأولى خليجيا بين أعوام ٢٠١٦ - ٢٠٢١.

ويمكن صرف مفهوم التصنيع لتحقيق فوائد منها معالجة سلوكيات اجتماعية مرتبطة بالغذاء في الكويت مثل فائض الطعام، والتبرع بالوجبات، والإغاثة التي تقوم بها الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر، والمعارض الرمضانية وغيرها، فمثل تلك المظاهر يمكن أن تربط أعمال الإنتاج بأنشطة التخزين والتسويق والتوزيع والاستهلاك الغذائي.

لا عذر لتأخر التفكير في جعل الكويت مركزا للتصنيع الغذائي اعتمادا على المستورد منه أو المحلي كالأسماك والدواجن واللحوم والمزروعات، واستغلال أفضل للأراضي الزراعية والصناعية، فهذا القطاع مرتبط بالحركة السياحية أيضا التي أهملتها الدولة. (٨% حجم الأراضي المستغلة للإنتاج الزراعي حسب هيئة الزراعة).

فائدة التفكير في الصناعة الغذائية ستؤدي إلى نتائج اقتصادية مذهلة، منها دعم الزراعة والصناعات الورقية والبلاستيكية ومواد حفظ الأطعمة، وتوفير الغذاء لقطاعات مضمونة تجاريا كالمستشفيات والمؤسسات العسكرية والمدارس.

السخرية التي تواجهها دول الخليج من أبنائها- مع الأسف- في أن يكون لديها نشاط سياحي وبالتالي غذائي وقفت لها دبي وقفة شجاعة، فإلى متى تُضيِّع دولنا الفرص في هذا المجال ومجالات أخرى كالثقافة والسياحة؟ إلى متى تعمل أجهزة الدولة في جزر معزولة؟ لماذا نبني مركز جابر الثقافي مثلا ولا يكون لدينا برنامج سنوي تشغيلي يليق به؟ وكيف نبني مثل هذه المراكز الضخمة وليس لدينا قطاع لإدارة السياحة الذي يشكل التصنيع الغذائي رديفا استراتيجيا له؟

إلى متى تضييع الفرص؟ وإلى متى الاعتماد على البترول وحيدا؟