غداة مقتل عشرات المدنيين في قصف جوي روسي استهدف عبّارات كانت تقلهم نحو الضفة الشرقية لنهر الفرات، استقدمت قوات الرئيس السوري بشار الأسد تعزيزات عسكرية الى مدينة دير الزور، تمهيدا لبدء هجوم جديد يهدف الى طرد تنظيم "داعش" من الأحياء الشرقية التي يسيطر عليها منذ 3 سنوات.

وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحا لعمليتين عسكريتين، الأولى تقودها قوات النظام بدعم روسي، والثانية أطلقتها قوات سورية الديمقراطية (قسد) بدعم أميركي السبت لطرد "داعش" من شرق المحافظة.

Ad

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، أمس، بوصول "تعزيزات عسكرية كبيرة تتضمن عتادا وآليات وعناصر الى مدينة دير الزور، تمهيدا لبدء قوات النظام هجوما يهدف الى طرد "داعش" من الأحياء الشرقية في المدينة".

وحقق الجيش السوري، أمس الأول، المزيد من التقدم بسيطرته على جبل ثردة المطل على المطار ومحيطه، وجبل آخر يطل مباشرة على مدينة دير الزور.

وبالنتيجة، باتت الأحياء الواقعة تحت سيطرة التنظيم في المدينة، وفق عبدالرحمن، "هدفاً سهلا لمدفعية قوات النظام". ومن شأن هذه السيطرة أن تسهل تقدم الجيش على حسابه جنوب دير الزور لضمان أمن المطار.

وباتت قوات النظام، وفق المرصد، تسيطر على 50 في المئة من مساحة المدينة بعدما كان التنظيم منذ صيف العام 2014 يسيطر على 60 في المئة منها وعلى أجزاء واسعة من المحافظة الغنية بحقول النفط والحدودية مع العراق.

وغداة قتلها 34 مدنيا، بينهم 9 أطفال، في قصف استهدف عبارات كانت تقلهم من بلدة قريبة من دير الزور الى الضفاف الشرقية لنهر الفرات، هرباً من القصف واقتراب المعارك، واصلت طائرات حربية سورية وروسية، بحسب المرصد، "استهداف مواقع داعش في المدينة ومحيطها وأريافها بشكل كثيف".

«قسد» والعشائر

وفي هجوم منفصل، أصبحت "قسد"، أمس، على بُعد 6 كيلومترات من الضفة الشرقية لنهر الفرات مقابل مدينة دير الزور، وفق المرصد، الذي أعاد التقدم السريع لكون "ريف دير الزور الشرقي منطقة صحراوية غير مكتظة".

وبعد يومين من إطلاق القوات المدعومة أميركيا، هجومها في دير الزور تحت مسمى "عاصفة الجزيرة"، أعلنت مجموعة من شيوخ ووجهاء عشائر دير الزور، في بيان أمس، "تأسيس لجنة تحضيرية تناقش أسس ومنطلقات تأسيس مجلس دير الزور المدني أسوة بالمجالس المدنية لمختلف المدن التي تحررت من قبضة الإرهاب".

وجاء في البيان الموقع باسم "اللجنة التحضيرية لمجلس دير الزور المدني" أن اللجنة مكلفة بمواصلة المشاورات "للوصول إلى صيغة نهائية، يتمخض عنها بناء مجلس مدني لدير الزور يكون معنيا بإدارة المدينة فور تحريرها"، مؤكدة دعمها لحملة "قسد"، التي سبق أن دعمت تشكيل مجالس مدنية مماثلة لإدارة شؤون المدن المحررة من "داعش"، أو تلك التي تخوض فيها معارك على غرار مدينة الرقة.

ألغام ومساعدات

وبينما دعا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في رسالة لمبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا إلى زيادة حجم المساعدات الإنسانية والمساهمة بشكل فعال في إعادة إعمار سورية، أوكلت موسكو مهمة نزع الألغام في دير الزور إلى 175 خبيرا، مشيرة إلى وصول 40 منهم مزودين بأحدث المعدات الخاصة إلى قاعدة حميميم الجوية.

في الجنوب، أعلن فصيل "أسود الشرقية" و"تجمع الشهيد أحمد عبدو"، التابعين للجيش السوري الحر، أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية ودول مجاورة تدعمهما ومنها الأردن والسعودية طلبت رسميا من المعارضة إنهاء القتال وترك منطقة البادية والتقهقر إلى الأردن.

وقال بدرالدين السلامة، المسؤول في "أسود الشرقية" إن قادة الجماعات، التي تستقبل مساعدات أميركية، "رفضت الطلب". وأبلغت في اجتماع يوم السبت، مركز عمليات مشتركاً بالأردن أنهم يفضلون "البقاء والموت" في الصحراء بدلا من ترك ساحة القتال.

وقال السلامة: "إذا دخلنا الأردن نعتبرها نهاية. لم تجف بعد دماء شهدائنا". وأكدت مصادر دبلوماسية غربية أن الطلب مرتبط بقرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يوليو بوقف برنامج وكالة المخابرات بتجهيز وتدريب خصوم الأسد.

وجاء في رسالة منسوبة لقادة الجماعتين، أنه رغم قتالهما بشجاعة لصد النظام، فإن وجودهما في الجيب الصغير الآن يشكل خطرا عليهم، مؤكدة أن الجماعتين اللتين لهما المئات من المقاتلين ستضطران إلى تسليم المدفعية الثقيلة وعشرات من صواريخ مضادة للدبابات أميركية الصنع لعبت دوراً في نجاحهم في التصدي لتنظيم "داعش" وميلشيات إيران.

وقال مقاتلو المعارضة إن مركز العمليات لم يطلب منهم خيار الانتقال إلى الحامية الأميركية في منطقة التنف، التي تدار في إطار برنامج منفصل لوزارة الدفاع (البنتاغون) وتستضيف جماعة معارضة من القبائل العربية تعرف باسم "مغاوير الثورة".

لكن مسؤولا آخر قال إنهم لا يعارضون الانسحاب، لكنهم يريدون تطمينات من الأردن أن بإمكانهم ممارسة ضغوط لتمديد نطاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه واشنطن وموسكو ليشمل البادية.

ويقول دبلوماسيون إن واشنطن والأردن تجريان مفاوضات مع موسكو في الوقت الراهن لإعلان منطقة عدم تصعيد ستعيد القوات المدعومة من إيران 40 كيلومترا شمالي الشريط الحدودي مع الأردن.

وقال سعيد سيف، من تجمع "الشهيد أحمد عبدو"، "قبلنا من حيث المبدأ، لكن هناك مسائل وتطمينات نحتاج إليها. إلا أنه حتى الآن لم يتم الاتفاق على الانسحاب، ومازال القتال مستمر وثابتين في رباطنا".