«كشفت مصادر معنية أن العقود التي وقعتها دولة الكويت مع البنك الدولي خلال عامين عددها 9 وتبلغ تكلفتها الإجمالية 70.5 مليون دولار، وبينت أن تلك العقود تتنوع ما بين دراسات ومساعدات فنية ومسودات لقوانين منها ما تأخر تسليمه ومنها ما تمتد فترة إنجازه إلى عام 2020». (القبس ١٠-٩-٢٠١٧).تفسير صرف هذه الملايين بسيط جداً فإن الحكومة الموقرة كلما اصطدمت بمعضلة حيوية خلال السنوات الأخيرة لجأت إلى مسكناتها المعروفة: تشكيل اللجان واستشارة البنك الدولي، ويبدو أن البعض يتخيل أن هذه هي طريقة حل المعضلات في الدولة.
يا ترى ما أهم توصيات البنك الدولي خلال سنوات عمله في الكويت؟ وماذا تم فيها؟ وهل طبقتها الحكومة؟ وهل تحولت تلك الاستشارات إلى مناهج للإدارة العامة؟ أم أن الموضوع لا يزيد على توقيع عقد استشاري ونسخ للتقارير المكررة ثم التصوير مع مسؤولي البنك، وأخيراً ركن تلك الاستشارات في «كبتات» المسؤولين؟ لنطلع معاً على جملة من أهم توصيات البنك الدولي خلال ثلاث سنوات مثلاً ومن عناوين الصحافة المحلية:«الكويت لا تملك جرداً لأصولها العقارية- تعليم الكويت بمستوى إفريقي- الكويت الأخيرة خليجيا في سهولة الأعمال- نظام الخدمة المدنية في الكويت فاشل- تدمير %80 من الغطاء النباتي- لا قياس موضوعيا للفساد في الكويت- الكويت الأسوأ في الرشوة الجمركية- بيروقراطية الكويت أسوأ من تنزانيا وزامبيا- تجاوزات في تكلفة وزمن المشاريع- ضعف المساءلة».سأكتفي بتلك العناوين التي رسمت بعض معالم التخلف والعجز الإداري في الكويت، وهو أمر تُساءل عنه الحكومة مباشرة ولا أحد سواها، لكن ثمة أسئلة تبحث عن إجابة ملحة الأول: هل تفتقر الكويت للكفاءات الوطنية المتخصصة القادرة على تقديم الدراسات نفسها التي يوردها لنا البنك الدولي، وبتكلفة أقل كثيراً، أم أن الحكومة لا تثق بأبنائها؟ والثاني إذا كان البنك الدولي ومن بعد تحرير الكويت، وهو يقدم الدراسات نفسها والتوصيات نفسها وللحكومات نفسها دون نتيجة فعلية، ألا يكفي هذا للإعلان أن مشكلة الكويت ليست في نقص الدراسات إنما في القائمين على إدارة شؤون الدولة التنفيذية ونهجهم العقيم؟ والثالث هل أصبح البنك الدولي مستشاراً دائما للدولة أم أنه تحول إلى شريك تجاري تنهمل عليه الملايين سنوياً؟ والله الموفق.
مقالات
نحن والبنك الدولي... استشارة أم تجارة؟
12-09-2017