بعد منعهم من أداء فريضة الحج العام الماضي، تسابق الآلاف من أبناء "البدون" على الفوز بمقعد ضمن 1000 تم تخصيصها لهذه الفئة، وذلك على خلفية محاولات وجهود مشكورة بذلتها جهات عدة في هذا الشأن استمرت أشهراً طويلة.الدور الكبير الذي قامت به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومكتب شؤون الحج ووزارة الداخلية، وبيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف، وكذلك السفارة السعودية والجهات ذات العلاقة في المملكة، تمثل في إنهاء كل الاجراءات المتعلقة بتسهيل سفر الحجاج البدون، فكان الجميع في سباق مع الوقت، لاسيما أن الموافقة صدرت من الجهات السعودية المعنية في وقت ضيق.
وهنا لابد من الإشادة بما قامت به تلك الجهات من سرعة إصدار التأشيرات وصرف الجوازات لمن لا يملك جوازا، فضلا عن تخصيص 300 ألف دينار للحجاج البدون، التي أعلن عنها الوزير محمد الجبري مساهمة من بيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف، والتي كان لها أثر طيب في نفوس الحجاج، خصوصا أنها المرة الأولى التي تتحمل فيها هذه الجهات جزءا يسيرا من نفقات الحجاج البدون.
رقابة مفقودة
لكن لغياب الرقابة الفعلية والمباشرة من وزارة الأوقاف، أبى بعض أصحاب الحملات التي خصصت لنقل الحجاج البدون إلى الأراضي المقدسة إلا أن يفسدوا كل ما بذل من جهود من خلال إصرارهم على ترك انطباع سيئ لدى الحجاج، فبعد تخصيص 200 حاج لكل حملة من الحملات الخمس الخاصة للحجاج البدون تمت المتاجرة ببعضهم من خلال بيع جميع الحجاج المسجلين في حملتين من الحملات لشخص آخر مقابل حصول صاحب الحملة الأصلي على الدعم وقيمته المادية التي تراوحت بين 20 و50 ألف دينار!معاناة حقيقية
الحجاج البدون في الحملات الثلاث الأخرى، لم يشعروا بأي معاناة حقيقية مثل التي عاشها المسجلون لدى الحملتين "المتاجرتين"، وذلك لأنه تم تضمينهما إلى طرف ثالث، مما أدى إلى تردي الخدمات بسبب التضمين وتقليل هامش الربح، وهنا بدأت رحلة المعاناة قبل التوجه إلى الأراضي المقدسة، إذ كان واضحا سوء الإدارة وعدم الاهتمام، فلم يتم الاتصال بأي حاج وإبلاغه بموعد الرحلة وحصوله على الفيزا من عدمها، خصوصا انه تم بيع بعض التأشيرات إلى آخرين، الأمر الذي أدى الى تأخر بعض الحجاج وحجز التذاكر بمالهم الخاص نظرا لمغادرة بعض الرحلات.خدمات سيئة
ومع مغادرة الحملتين إلى السعودية، ازدادت المشكلة تعقيدا، إذ استغرقت إجراءات الخروج من المطار بعض الوقت، في حين استغرق وصول الحافلات وتحركها من المطار خمس ساعات تقريبا، وخلال فترة الانتظار لم يتم توفير أي خدمات للحجاج حتى مياه الشرب، ولم يتم وضع إداريين برفقة كل حافلة للحجاج، بل ان بعض الحافلات توجهت للسكن بدون إداريين والسائق لا يعرف العنوان، وكانت النتيجة ان بعض هذه الحافلات ضلت الطريق، والأخرى وصلت إلى السكن بعد مشقة وتعب، والمشكلة الكبرى التي اكتشفها الحجاج ان عدد الأسرّة في الغرف أقل بكثير من عدد الحجاج، فكانت النتيجة ان أكثر من 20 شخصا كانوا بلا غرف، وبعد معركة كبيرة مع إدارة الحملة تم تأجير عمارة أخرى غير مرخصة وتنقصها الخدمات وتبعد كثيرا عن مكان الحملة الأصلي.أخيرا، يجب أن تدرك الوزارة حجم المخالفة التي ارتكبت بحق الحجاج البدون الذين كانوا ينتظرون انفراجة تسمح لهم بالذهاب إلى الحج، ومن غير المقبول أن يترك مسؤولو "الأوقاف" المجال مفتوحا أمام "المتاجرين" بحجاج بيت الله الحرام، لذا فإنها مطالبة بإجراء تحقيق في هذه القضية التي رسخت فكرة سيئة عن الحملات الكويتية التي طالما كانت مثالا يحتذى فيما تقدمه من خدمات للحجاج من مختلف الجنسيات في كل موسم.