فوز «القضية رقم 23» بجائزة فينسيا الدولي
أفلام القضية الفلسطينية خارج اهتمام أصحاب دور العرض والجمهور
جاء فوز الفنان الفلسطيني كامل باشا بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «القضية رقم 23» لزياد دويري في مهرجان فينسيا الدولي أخيراً ليطرح سؤالاً حول تلك الأفلام، وإلى متى ستظل بعيدة عن دور العرض فلا يشاهدها الجمهور العادي ويتعرف من خلالها إلى حقيقة القضية؟ خصوصاً مع ظهور أجيال جديدة التبست عليها الحقائق وضُللت.
«القضية رقم 23» ليس العمل الوحيد الذي يتناول القضية الفلسطينية، بل سبقته مئات الأعمال التي تتناولها وتستعرض معاناة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي، ليظل المشترك بينها عدم عرضها تجارياً سواء في مصر أو الوطن العربي، وعدم الاهتمام بها على المستوى الجماهيري والنقدي رغم ارتفاع مستواها الفني.هل السبب ملل الجمهور من الحديث في هذه القضية على مدار عقود، من ثم أصبح يرغب في أعمال كوميدية وحركة تبعده ولو مؤقتاً عن واقعه المليء بالمشاكل والضغوط، أم ارتياح الجميع لعرض تلك النوعية من الأفلام في المهرجانات السينمائية فحسب؟يرى المنتج محمد العدل أن ثمة توجهاً عاماً يُصنع عن طريق وسائل الإعلام أثر سلباً في رأي الجمهور في القضية الفلسطينية من خلال توجيه الاتهامات إلى الشعب كله بسبب خطأ فصيل أو أشخاص، كذلك اختفت بطولات وتضحيات هذا الشعب من وسائل الإعلام. ويتابع: «كان لذلك تأثير سلبي في أي فيلم يتناول القضية الفلسطينية، على عكس الستينيات عندما كانت أي قضية عربية شأن كل عربي، ما شجع الصانعين على إنتاج أفلام عنها وأدى إلى تفاعل الجمهور معها».
ويضيف العدل: «عندما قدمت شخصية الفدائي الفلسطيني في «أصحاب ولا بيزنس»، كان التصفيق «ينفجر» في دور السينما عند مشهد القيام بعملية استشهادية. الآن لو قدمت المشهد نفسه لن تجد رد الفعل ذاته ولا جزءاً منه، ذلك بسبب إهمال الميديا القضايا المهمة خلال السنوات الأخيرة، ما أثر في الموزعين وأصحاب دور العرض فتراجعوا عن تقديم هذه الأفلام».
دور الأنظمة
من جانبه، يرى المخرج يسري نصر الله، صاحب «باب الشمس»، أن الأنظمة نحجت في تسطيح وعي الشعوب، وأصبح الكل مشغولاً بهمه وقضيته الخاصة سواء كان جمهوراً أو صانعي سينما، من ثم لا أحد يهتم بتقديم عمل عن القضية الفلسطينية أو عن أية قضية عربية، وإذا وجد هذا المشروع فلن يُقبل عليه الجمهور، وقليل جداً من يهتم بأية قضية عربية، ومن يقدمها يعلم جداً حجم المعوقات والمشاكل التي تواجهه، ولكنه يقوم بذلك لإحساسه بالمسؤولية.ويؤكد الناقد نادر عدلي أن نقل وجهة النظر العربية وما يُعانيه الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي إلى العالم كله هو الهدف الأساسي من الأعمال التي تتناول هذه القضية، لأن لا مردود من عرض فيلم عن فلسطين داخل الوطن العربي، والأهم هو العرض في أوروبا ونقل بلطجة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني بهدف كسب التعاطف. ويضيف عدلي: «حققت هذه الأفلام إيرادات كبيرة عند عرضها في أوروبا وكثير من دول العالم وحصلت على جوائز عدة، ما يؤكد تميزها ووصولها إلى الجمهور في أماكن مختلفة، ويعني أيضاً تحقيق الهدف الرئيس من صناعتها».ويوضح أن رفض الجمهور هذه الأفلام أمر غير صحيح بدليل ما حققه «عيون الحرامية» من نسبة حضور كبيرة عند عرضه في سينما «زاوية»، ويعني أن ثمة فئة من الجمهور حتى إن كانت قليلة تريد هذه الأعمال، لذا نحن بحاجة إلى أكثر من «زاوية» في أكثر من محافظة.إنتاج مشترك
توضح الناقدة ماجدة خير الله أن «هذه الأعمال إنتاج مشترك بين منتجين عرب وأجانب وبعض المنظمات والجهات، من ثم تُعامل داخل مصر على أنها أفلام أجنبية وليست مصرية أو عربية، ما يعني شروطاً خاصة وعدداً مُحدداً من النسخ وضرورة الاستغناء عن عرض عمل أجنبي آخر ربما يكون تجارياً أفضل، وهو ما لن يُضحي به الموزع وصاحب دار العرض».وتضيف أن الجمهور العربي لا يريد أن يُشاهد فيلماً سياسياً سواء كان عن فلسطين أو حتى عن بلده وما تعانيه من أزمات، فيما الرغبة الحالية هي مشاهدة أعمال كوميدية وحركة.وتابعت: «حققت هذه الأعمال نجاحاً كبيراً في المهرجانات والعرض الجماهيري في أوروبا، ما يعني نجاحها في ما صُنعت من أجله، وثمة فئة صغيرة من الجمهور تهتم بهذه الأفلام وستبحث عنها في أي مكان أو على الإنترنت».نجاح وفشل
يرى الناقد طارق الشناوي أن هذه الأفلام تُحقق النجاح في معظم الدول العربية وتفشل في مصر، ذلك لطبيعة الجمهور المصري الخاصة التي ترفض أي فيلم غير ناطق باللهجة المصرية حتى لو بالعربية الفُصحى، وبغض النظر عن محتواه ومضمونه. ويقول: «شهدت مصر محاولات لأفلام لبنانية وسورية وفشلت. تُعامل هذه الأفلام في مصر على أنها أفلام أجنبية من حيث عدد النسخ وطرائق العرض، لذا يُفضل كثيرون مشاهدة الفيلم الأميركي».
المخرج يسري نصر الله يرى أن الأنظمة العربية نجحت في تسطيح وعي الشعوب