بعد مرور 10 أشهر على إعلان البنك المركزي المصري في نوفمبر تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية كاملة، وفقاً لآليات العرض والطلب... هل بدأ الجنيه بالتعافي؟ وهل نجحت الحكومة بجذب الاستثمارات الأجنبية لمصر؟

عندما سُئل جيسون تورفي، المحلل المختص بالشؤون الاقتصادية في الشرق الأوسط لدى مؤسسة «Capital Economics»، حول وضع الجنيه المصري بعد نحو عام على تحرير سعر صرفه، أشار إلى تقرير أصدرته مؤسسته سلّطت فيه الضوء على أن الجنيه ظل مستقراً بشكل «استثنائي» خلال الأشهر الأخيرة عند 18 جنيهاً للدولار تقريباً.

Ad

ورأى تورفي في تقريره أن البنك المركزي المصري يبدو وكأنه يتدخل في سوق صرف العملات الأجنبية ليحد من تعزز الجنيه ضمن جهود إعادة بناء احتياطي الدولة من النقد الأجنبي.

وأعلن «المركزي» أن الاحتياطي الأجنبي بلغ 36.036 مليار دولار في نهاية يوليو الماضي، مسجلاً بذلك أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2010، أي إنه وصل إلى نفس معدلاته قبل ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق، حسني مبارك الذي دام ثلاثين عاماً. كما استمرت الاحتياطيات الأجنبية في مسارها التصاعدي، إذ أظهرت بيانات المركزي أن احتياطي الدولة من النقد الأجنبي ارتفع إلى 36.143 مليار دولار في نهاية أغسطس الماضي.

ورأى تورفي في تقريره أن الضغوط التي تخفّض من قيمة العملة ستتبدد قريباً، معتبراً أن أكثر ما يشكل ضغطاً على الجنيه هو ما وصفه بـ»الزيادة المؤقتة في دخول تدفقات رؤوس الأموال»، مشيراً إلى أن تلك التدفقات تجاوزت نسبة 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الدولة خلال الربع الأخير من 2016 والربع الأول من 2017، مدفوعة بالمحافظ الاستثمارية والاستثمارات في القطاع المصرفي.

لكنه وصف ذلك النوع من الاستثمارات بأنه من مصادر تمويل الخارجي الأقل استقراراً، ورجّح أن يكون سبب ارتفاع تلك التدفقات لداخل الدولة هو الاستثمارات، التي كانت قيد الانتظار حتى خفض قيمة العملة.

ورأى أن «شهية» المستثمرين الأجانب للأصول المصرية بدأت تضعف، مستدلاً على ذلك بانخفاض صافي مشتريات الأجانب من الأسهم المصرية إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر في يوليو الماضي.

وتوقع أن يضعف الجنيه خلال السنوات القادمة، مرجحاً أن يصل إلى معدل 19 جنيهاً للدولار في نهاية العام المقبل ومعدل 20 جنيهاً للدولار في نهاية 2019.

من جانبه، قال المحلل المالي لدى وسيط العملات «FxPro»، ألكسندر كوبتسيكيفيتش، لـCNN بالعربية: «كما يبدو من سعر صرف (الجنيه)، فإن الموجة الأولى من الصدمة إثر خفض قيمة الجنيه المصري قد مرت بالفعل. وظل المعدل مستقراً نسبياً خلال الأشهر الستة الماضية، ويدل حتى على اكتسابه بعض القوة أمام الدولار، على خلفية ضعف الدولار عالمياً (في الآونة الأخيرة)».

ورأى كوبتسيكيفيتش أن ذلك يعد مؤشراً جيداً بأن رؤوس الأموال تعود تدريجياً إلى الدولة، مضيفاً: «رأى المستثمرون أن خفض قيمة العملة كان إجراء كافياً، وتوقفوا عن بيع الجنيه المصري.»

رفع أسعار الفائدة

وأشار كوبتسيكيفيتش إلى رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 700 نقطة أساس، أو سبع نقاط مئوية، منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي، معتبراً أن الارتفاعات النشيطة قادرة على جذب «الأموال الساخنة» (الاستثمارات المالية قصيرة الأجل التي تبحث عن أرباح عالية) من قبل المستثمرين الأجانب والسيطرة على التضخم.

وتابع المحلل المالي: «في الوقت نفسه، يبقى السؤال ما إذا كانت سياسة البنك المركزي هذه تكبح النمو الاقتصادي (بفعل الإقبال على الإيداع بالبنوك عوضاً عن الاستثمار بالقطاعات المنتجة).

وبأي حال، فإن معدلات (الفائدة) المرتفعة ومعدل الجنيه المعوّم في هذه المرحلة أفضل من معدلات (الفائدة) المنخفضة وأسعار العملة المبالغ فيها».