وثيقة سرية تكشف سعي روسيا لعملية إعادة ضبط واسعة مع ترامب
في الشهر الثالث من رئاسة ترامب، أوفد بوتين دبلوماسييه إلى وزارة الخارجية لطرح اقتراح جريء: تطبيع كامل للعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا في فروع الحكومة الكبرى كافةً.دعا هذا الاقتراح، الذي جاء في وثيقة مفصّلة حصل عليها موقع «بازفيد نيوز»، إلى إعادة كاملة للقنوات الدبلوماسية، العسكرية، والاستخباراتية التي قُطعت بين البلدَين عقب تدخلات روسيا العسكرية في أوكرانيا وسورية.بالإضافة إلى تقديمه لمحة عن الاتجاه الذي يود الكرملين أن تسير العلاقات الثنائية فيه، يكشف هذا الاقتراح أحد افتراضات موسكو غير المعلنة: أن ترامب لن يشاطر الولايات المتحدة غضبها المتواصل بسبب تدخل موسكو المزعوم في انتخابات عام 2016 وأنه قد يقبل بتقارب فائق السرعة.
رفضت السفارة الروسية في واشنطن مناقشة هذه الوثيقة، كذلك أبى المسؤولون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية تحديد هوية مَن قدّمها، إلا أنهم لم يشككوا في أصالتها.يبدو أن موسكو، بسعيها إلى المضي قدماً في خطة إعادة الضبط، تقلل من أهمية رد الفعل السياسي السلبي الذي قد تواجهه إدارة ترامب، إذا نفذت عملية تقارب واسعة النطاقة، فيما لا يزال الكونغرس ومكتب التحقيقات الفدرالي يجريان تحقيقات رفيعة الشأن في الادعاءات عن التواطؤ مع روسيا.رغم خيبات الأمل الأخيرة، لم يفقد الكرملين الأمل في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، مع أنه لا يزال يهدد بطرد المزيد من الدبلوماسيين ومقاضاة واشنطن بسبب إقفالها منشآته في الولايات المتحدة.ولكن فيما يواجه البيت الأبيض لهب تحقيقات عدة بشأن روسيا، لم يحض وزارتَي الدفاع والخارجية على التعاطي بفاعلية مع نظيرتيهما الروسيتين، وفي ظل غياب مسعى مماثل، من غير المرجح أن تتحرك البيروقراطية الأمنية القومية الأميركية، التي تميل إلى تفادي المخاطر، من تلقاء ذاتها، وخصوصاً مع تعيين صقور بارزين في الشأن الروسي في مناصب مهمة. فمن المتوقع، مثلاً، أن يتبوأ أحد المشككين في العلاقة مع الكرملين منصباً دبلوماسياً أميركياً بارزاً يُعنى بالشأن الأوروبي والروسي. في إشارة واضحة إلى مستشاري تيلرسون المتشددين، أخبر بوتين منتدى للأعمال قبل أيام أن المدير التنفيذي السابق في شركة إكسون موبيل «يعاشر أصحاباً سيئين».في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها تبقى منفتحة على إقامة روابط أفضل، إلا أن أحد مسؤولي هذه الوزارة أكّد: «أخبرنا الروس أن المسار إلى التطبيع يمر عبر أوكرانيا».كما هو مكتوب، تضمن عرض روسيا في شهر مارس عدداً من اللقاءات مع مهل مقترحة حلت وانقضت، ولعل الاقتراح الأكثر بؤساً دعوة كلتا الحكومتين إلى العمل معاً «لاستئناف وتعزيز التعاون التجاري والاستثماري الذي يحمل فائدة متبادلة»، فبعد خمسة أشهر من تقديم الاقتراح، مرر الكونغرس بأكثرية ساحقة تشريعاً فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا ومنع في الوقت عينه ترامب من إنهاء العقوبات السابقة من دون مراجعة الكونغرس.على نحو مماثل، دعا اقتراح طموح آخر إلى إعادة إطلاق مجموعتَي عمل ثنائيتين تُعنيان بالأمن على شبكة الإنترنت ومكافحة الإرهاب. كانت هاتان المجموعتان قد أُطلقتا في عام 2009 ضمن إطار عملية «إعادة الضبط» الشاملة مع روسيا التي نظّمها أوباما. وفي شهر يوليو، بدا نجاح هذا الاقتراح محتملاً عندما غرّد ترامب أنه ناقش مع بوتين «تشكيل وحدة أمن على الإنترنت لا تُخترق»، ولكن بعد رد الفعل السلبي الكبير من الجمهوريين، عدل الرئيس بسرعة عن هذه الخطوة. وغرّد لاحقاً: «لا يعني واقع أني ناقشت مع بوتين إمكان إقامة وحدة أمن عبر الإنترنت أنني أعتقد أن ذلك ممكن. هذا غير ممكن».تخبطت مجموعة الأمن على شبكة الإنترنت الأولى، التي أُنشئت في عهد أوباما، وسط الصراعات الداخلية، فيما سعى الجانب الروسي إلى تأكيد حق الحكومات بالتحكم في المعلومات، حق رفضه الجانب الأميركي. يذكر مسؤول سابق شارك في الفريق الأميركي: «لم تحقق هذه المجموعة أي تقدّم، وبعد استعمال روسيا الإنترنت كأداة في أوكرانيا ومن ثم ضدنا في عام 2016، صار التحدي أكبر».ولكن حتى قناة ثنائية تعجز عن تحقيق أي تقدّم قد تمنح موسكو ما يروقها: إمكان الظهور بمظهر القوة العالمية التي تشكّل نداً للولايات المتحدة.* جون هادسون* «بازفيد»