سيطرت حالة من الاستياء الشديد على دوائر صنع القرار في القاهرة، أمس، في أعقاب سعي ائتلاف من جماعات حقوقية في مقدمتها "هيومن رايتس ووتش"، إلى أن يشمل قانون أميركي ضد الانتهاكات الحقوقية والفساد في العالم قيادات في الشرطة المصرية ضمن عدة دول أخرى، في خطوة تأتي بعد تحول ملف حقوق الإنسان إلى سبب أساسي في توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن في الآونة الأخيرة.

الائتلاف الحقوقي الذي يضم 23 منظمة حقوقية، قال في خطاب موجه إلى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، إن "الحالات التي تم إلقاء الضوء عليها من مختلف أنحاء العالم، تشمل قصصا عن التعذيب والاختفاء القسري والاعتداء الجنسي والابتزاز والرشوة وصولا إلى القتل، في ضوء روايات الضحايا ومحاميهم وتقارير منظمات غير حكومية".

Ad

ولم تقتصر القائمة التي قدمها الائتلاف الحقوقي الأميركي على أسماء قيادات أمنية في مصر، بل شملت قيادات في دول عربية والصين والمكسيك ودول أخرى، وطالب الائتلاف وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين ببحث تطبيق قانون "غلوبال ماغنيتسكي"، على هذه الدول بما فيها مصر، ويوسع القانون الذي أقره الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قبل مغادرته الحكم، نطاق تشريع سابق يجمد أصول مسؤولين ويمنعهم من السفر إلى الولايات المتحدة.

وتسبب ملف حقوق الإنسان في توتر العلاقات المصرية - الأميركية، إذ جرى حجب نحو 300 مليون دولار من المعونة الأميركية بشقيها الاقتصادي والعسكري، على خلفية احتجاج واشنطن على انتهاكات القاهرة لحقوق الإنسان وإصدار قانون مقيد لنشاط الجمعيات الأهلية، فضلا عن إصدار "هيومن رايتس" تقريرا عما وصفته بـ "التعذيب الممنهج في السجون المصرية"، بالتوازي مع تقرير لجنة تابعة للأمم المتحدة كررت اتهامات للسلطات المصرية بارتكاب حالات تعذيب ممنهج.

رفض برلماني

في المقابل، أبدى مصدر مصري استياءه من تحركات المنظمات الحقوقية الممولة من جهات معادية لمصر، بينما أعرب عدد من نواب البرلمان عن رفضهم للتحركات الجارية في أميركا، إذ قال أمين لجنة العلاقات الخارجية، طارق الخولي، إن "تلك المنظمات تحاول أن تلعب دور الفزاعة ضد النظام المصري"، مشدداً على أنها تستقي معلوماتها من مصادر مغلوطة.

وأضاف الخولي: "البرلمان سيكون له تحرك ضد هذه المحاولات الخبيثة، حال تمادت أكثر من ذلك، وأن رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان تقدم بطلب رسمي إلى رئيس المجلس علي عبدالعال للرد المناسب على تقرير هيومن رايتس وغيرها من المنظمات التي تسعى إلى تشويه مصر".

في السياق، أكد المحامي الحقوقي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، نجاد البرعي، لـ "الجريدة"، أنه "لا توجد منظمة مصرية من ضمن المنظمات الـ 32 التي تقدمت بالطلب إلى الإدارة الأميركية، مما ينال من مصداقية هذا الطلب بشدة". وأضاف: "لا أعتقد أن الحكومة الأميركية ستوقع عقوبات اقتصادية ضد مصر، فالسياسة عند واشنطن أهم من حقوق الإنسان".

زيارة السيسي

وجاء التوتر في الملف الحقوقي، قبيل توجه الرئيس السيسي إلى نيويورك للمشاركة في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ستبدأ فعاليتها الثلاثاء المقبل، إذ يتوجه وزير الخارجية، سامح شكري اليوم، إلى نيويورك بعد انتهاء الاجتماع الوزاري السداسي الخاص بليبيا في لندن، للإعداد للمشاركة المصرية في أعمال الشق رفيع المستوى لدورة الأمم المتحدة.

وصرح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، بأن الدورة الجديدة للجمعية العامة من المتوقع أن تشهد مشاركة مصرية نشطة، إذ يشارك شكري في اجتماع وزاري حول سورية بدعوة من الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، واجتماع آخر حول الشرق الأوسط، فضلا عن جلسة وزارية لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي حول الأوضاع في جنوب السودان.

وقبل سفره إلى نيويورك، شارك شكري في اجتماع وزاري عقد بلندن لمناقشة إدخال تعديلات على اتفاق "الصخيرات" بين الفصائل الليبية المتنازعة.

وعقد وزير الخارجية الإيطالي اجتماعا ثنائيا، هو الأول من نوعه بعد قطيعة دبلوماسية استمرت أكثر من عام ونصف العام، مع نظيره المصري على هامش اجتماع لندن لـ "معالجة العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك".

إشادة بالشعب

في السياق المحلي، أشاد السيسي أمس، بالشعب المصري وتحمله للظروف الاقتصادية الصعبة، وأضاف خلال افتتاحه للمؤتمر الدولي للشمول المالي الذي تستضيفه مصر لأول مرة بمدينة شرم الشيخ: "الشعب المصري يخوض معركة التنمية بكل تحمل وصبر وقوة"، مؤكدا أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي المصرية، كان "الجندي المجهول الحقيقي فيها هو الشعب المصري".

وقال السيسي: "برنامج الإصلاح الاقتصادي يتم وفق رؤية مصرية وطنية خالصة، شخصنا فيها أوضاعنا ومشاكلنا بصدق مع الذات، وصغنا استراتيجية مصر للتنمية حتى عام 2030"، مؤكدا أن مسار الإصلاح الاقتصادي بدأ يؤتي ثماره بعد تجاوز الاحتياطي النقدي 36 مليار دولار، وشدد على أن الشعب يخوض بكل كبرياء وشرف معركة ضد الإرهاب، يقف فيها بمفرده دفاعا عن الدولة المصرية وعن العالم بأسره.

حماة الصداقة

وبينما قتل مجند إثر هجوم على كمين أمني غربي مدينة رفح بسيناء أمس، أعلنت القوات المسلحة انطلاق فعاليات التدريب المصري الروسي المشترك (حماة الصداقة 2)، الذي تستضيفه روسيا، بمشاركة أكثر من 600 مقاتل لكلا البلدين، لتنفيذ تدريبيات تتعلق بمكافحة الإرهاب، ويأتي ذلك في وقت تنفذ عناصر من القوات الجوية المصرية والسلاح الجوي الملكي السعودي التدريب الجوي المشترك "فيصل 11"، الذي تستضيفه مصر ويستمر عدة أيام.