استفتاء كردستان: موقف المعتدلين يتعقد... ووساطات دولية لإرجائه

«داعش» يضرب بالناصرية غداة زيارة العبادي في أكبر هجوم منذ تحرير الموصل

نشر في 15-09-2017
آخر تحديث 15-09-2017 | 00:11
العبادي يتفقد أهوار قضاء الجبايش في الناصرية أمس الأول على متن «بلم»
العبادي يتفقد أهوار قضاء الجبايش في الناصرية أمس الأول على متن «بلم»
قبل بضعة أيام، لم يكن العراقيون مهتمين كثيراً باستفتاء تقرير المصير الذي ينظمه إقليم كردستان (شمال البلاد)، نهاية الشهر الجاري، إلى درجة جعلت المراقبين يقولون إن الشعب بات «متفهماً» للانفصال، وحالة شبه الاستقلال التي يعيشها الإقليم منذ عام ١٩٩١، لكن التطورات بدأت تتسارع وتخلق موجة توتر واسعة بين كل الأطراف، واضعة البلاد أمام سيناريوهات معقدة.

وتدرك شريحة واسعة من العراقيين وساستها أنه من غير الممكن إجبار الإقليم الكردي على البقاء رسمياً ضمن الدولة العراقية، كما يعترفون، على مضض، بحق هذه القومية في أن تمتلك دولتها المستقلة، وهو حلم تاريخي قاتل الأكراد من أجله منذ الحرب العالمية الأولى، إلا أن المشكلة تظهر بقوة في المناطق المختلطة بينهم وبين العرب والتركمان والمسيحيين، خصوصاً في سهل نينوى، وكركوك الغنية بالنفط، وديالى المحاذية لبغداد.

ولو كان الاستفتاء على حق تقرير المصير محصوراً في محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، التي تشكل رسمياً الإقليم الكردي، لكان التوتر أقل حدة، غير أن البرلمان المحلي في كركوك، التي يعيش فيها أيضاً العرب والتركمان، قرر بأغلبية بسيطة شمولها بالاستفتاء، دون موافقة التركمان والعرب، ما أثار اعتراضات غاضبة، وأشعل فتيل الكراهية، ودفع ميليشيات شيعية إلى إنزال العلم الكردي من مباني الحكومة في أطراف ديالى، متعهدة بمنع حصول هذا الاستفتاء هناك.

اقرأ أيضا

ورغم أن رئيس الحكومة حيدر العبادي لايزال يحاول التمسك بهدوئه المعهود، فإن النواب العرب في البرلمان وجهوا ضربة إلى الأكراد، إذ تبعوه، أمس، بالتصويت لمصلحة إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم (بطلب من العبادي)، الأمر الذي وصفه مسعود البارزاني بأنه إنهاء للشراكة.

وأدت لغة التهديد التي لجأت إليها بعض الأطراف العربية والميليشيات إلى جعل معظم الأكراد يلتفون حول رئيس إقليمهم البارزاني، متناسين الخلافات العميقة معه، إلى درجة أن برلمان الإقليم سينعقد اليوم على الأرجح، بعد انقطاع دام سنتين، في لحظة تصالح مفترض بين حزب البارزاني وحركة التغيير المعترضة تقليدياً على بقائه رئيساً للإقليم.

ولا أحد يمكنه التكهن بما سينتج عنه انعقاد البرلمان الكردستاني، إلا أنه سيرد على خطوة مجلس النواب العراقي، ويمنح الاستفتاء شرعيته، وسط تسريبات تفيد بأن معارضي البارزاني الأكراد قد ينجحون في إقناعه بإجراء الاستفتاء داخل الإقليم فقط، وتأجيله في المناطق المختلطة قومياً، استجابة لظروف عسكرية ونداءات عربية ودولية، دعت إلى الحذر من أن تتضرر الحرب على «داعش»، والتي تستمر قرب كركوك، وخصوصاً بعد اجتماع ممثلي أربع دول كبرى بالبارزاني، أمس، وحديثهم عن «ضمانات بديلة» تتعلق بالبترول والإدارة، يمكن أن تجعله يناقش مع باقي شركائه الأكراد فكرة تأجيل الاستفتاء، رغم أن ذلك يبقى مستبعداً حتى هذه اللحظة.

وكما نجحت هذه الأزمة نسبياً في توحيد الأكراد المتخاصمين، فإنها يمكن أن تزعزع استقرار الجناح العربي المعتدل في بغداد، ممثلاً بالعبادي ورجال الدين الكبار في النجف، حتى إن مقتدى الصدر، المعروف بمواقفه الواضحة، بقي ملتزماً الصمت في هذه الأزمة، مقدراً حرج الموقف، فتساهل المعتدلين العرب مع إجراءات الأكراد سيثير سخط الجمهور العربي المنفعل، وهو ما استغلته الميليشيات الشيعية المتطرفة التي توارى نجمها إلى حد بعيد، إثر صعود نجم المؤسسة العسكرية النظامية وانتصاراتها في الموصل، إذ تحاول الميليشيات الآن اغتنام الفرصة، وتأنيب العبادي وانتقاد تساهله، ويريد قادة الفصائل المتشددة الظهور بمظهر «البطل الوحيد»، الذي يواجه الأكراد ليستعيد المسلحون الشيعة نجوميتهم، قبيل انتخابات مفترضة في الربيع.

في موازاة ذلك وغداة زيارة العبادي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، أمس الأول، هاجم تنظيم «داعش» المحافظة أمس، في عملية إرهابية مزدوجة تعد هي الأشرس له منذ تحرير الموصل، إذ أسفرت عن مصرع نحو 60 شخصاً.

back to top