مع قرب انتهاء فترة البرنامج التدريبي الذي تقيمة وكالة الانباء الكويتية (كونا) للسنة الرابعة على التوالي لطلاب الجامعات من تخصصات الصحافة والاعلام وذلك من منطلق مسؤولياتها الاجتماعية وحرصها على تأهيل جيل جديد يحمل قيم ومفاهيم العمل الاعلامي والصحافي السليم ويكون قادرا على مواكبة ومنافسة التطورات التي تطرأ على هذا الحقل المهم في المجتمع، التقت «الجريدة» نائب المدير العام رئيس التحرير سعد العلي ورصدت اراء بعض الطلاب المتدربين وانطباعاتهم.

وقال العلي ان هذا البرنامج التأهيلي يقام للسنة الرابعة في الوكالة لطلبة الاعلام والتخصصات المقاربة لها بهدف تهيئة الطلبة للعمل في المجال الاعلامي، موضحا ان ما تقوم به الوكالة من تدريب وتأهيل للطلاب يندرج تحت مسؤوليتها الاجتماعية في تهيئة الطلاب لبيئة العمل بعد التخرج لأن (كونا) مؤسسة عريقة تعمل في الجانب الصحافي.

Ad

وأكد ان جزءا من المسؤولية الملقاة على عاتق الوكالة هو تأسيس وتأهيل وتهيئة جيل صاعد من الطلبة الكويتيين للانخراط في العمل الصحافي والاعلامي، مشيرا الى ان المجال الصحافي لا يعتبر من المجالات الواسعة الموجودة في الكويت باعتبار الصحافة ذات طبيعة خاصة وتحتاج الى ابداع وقلم وخليط من امور فنية كثيرة.

الإعلام الرقمي

وتابع ان هذا ما دعا الوكالة الى تنظيم مثل هذه البرامج لتأسيس جيل جديد يعي ويعرف الأسس السليمة للصحافة وكتابة الخبر والتعامل مع المواد الاعلامية، مشيرا الى ان العالم يشهد تغيرا الان في هذا الجانب وتحولا تدريجيا من الاعلام الورقي «التقليدي» الى السوشيال ميديا والاعلام الرقمي وهذا النوع من الاعلام يحتاج الى تأسيس سليم لكي ينافس بشرف وينقل بأمانة وموضوعية، وهو نوع من الاعلام يصعب السيطرة عليه لذلك نحرص في الوكالة على اعطاء مثل هذه البرامج من خلال الخبرات والكوادر الموجودة.

وأكد ان الوكالة تحرص في المقام الاول على غرس اخلاقيات المهنة والكتابة الموضوعية والبعد عن الكتابة التحيزية لدى الطلاب المنخرطين في البرنامج من طلاب الاعلام الذين استفادوا بشكل كبير في مجال عملهم في ما بعد، وكان لهذه البرامج الاثر على تحديد توجهاتهم الوظيفية السليمة.

قلة الكوادر

وعن قلة الكوادر الكويتية في مهنة الصحافة، أكد العلي أن عزوف الكويتيين عن الانخراط في مهنة الصحافة يرجع إلى عدة أسباب، أولها رغبة البعض في العمل بالقطاع الخاص في حين أن المؤسسات الإعلامية الخاصة في «شارع الصحافة» بالكويت لديها عدد محدود جدا من الصحف، وثانيها ما يتعلق بالأجور والرواتب فهي ليست بمستوى طموح الكويتيين ولا تمثل حافزا مشجعا «ولا نلوم المؤسسات الاعلامية فهي تتعرض اليوم لأزمات مالية بسبب قلة الاعلانات مقارنة بالاعلام الجديد».

وأضاف «أما السبب الثالث فيتمثل في أن الصحافة ليست مهنة إدارية بل فنية إبداعية، وهي مهنة نادرة لا ترتبط بساعات عمل محددة، ويجب ألا يكون التعامل مع الصحافي كموظف فقط لأن ذلك مؤشر على أن المؤسسة فاشلة»، مستدركا «نعم الصحافي موظف، لكنه يفترض أن يكون تحت هيكل صحافي بحت».

برستيج الصحافي

ولفت العلي إلى أن من ينظر الى السلم الوظيفي للصحافة لا يجد مبالغة في حجم المكاتب واعداد السكرتارية، مؤكدا أن «برستيج الصحافي في قلمه ومسجله الصوتي، وهذه مفخرة للمهنة».

وأشار إلى أن الشركات الاستثمارية والقطاع الخاص بشكل عام أصبحا يهتمان بالجانب الاعلامي، وهذا ما يدفع خريجي تخصصات الاعلام من الكويتيين الى الانخراط في هذه المؤسسات وعزوفهم عن ممارسة العمل الصحافي الميداني.

وبالعودة الى دور الوكالة وتحديدا دور مركز «كونا» في التدريب والتطوير، قال العلي ان المركز ساهم في تطوير وتأسيس العديد من القطاعات الاعلامية سواء داخل الكويت أو خارجها من خلال عدة دورات يشرف عليها نخبة كبيرة من الاعلاميين الاكفاء، وهو مصدر فخر للمؤسسة.

الصحافة الاقتصادية

وأكد العلي ان العالم العربي يفتقر الى كتابة الخبر الاقتصادي بشكل محترف، والكويت اصبحت اليوم بحاجة ماسة الى تأسيس صحافة اقتصادية متخصصة، مضيفا انه «تواصل مع عدة جهات خارج الكويت لتطوير هذا النوع من الصحافة في كتابة الخبر الاقتصادي وكيفية تأسيس صحافة اقتصادية على اساس متين، خصوصا ان الكويت مقبلة على مشاريع كبيرة ضمن رؤية 2035».

وفيما يتعلق بالصحافة الاستقصائية وعدم وجودها في الكويت، اكد ان ذلك يرجع إلى عدم وجود اعداد كافية من ممتهني مهنة الصحافة وندرة المعلومة وتخوف المسؤولين من العمل الصحافي وعدم اكتسابنا لهذه الثقافة»، متسائلا: «كيف للمسؤول أن يعالج مشكلة دون أن يضع اصبعه عليها؟».

ولفت العلي إلى أن «الصحافة الكويتية رغم ما ينقصها الا انها رائدة في المنطقة وتتعدى بمراحل كبيرة العالم العربي، وذلك يرجع الى هامش الحرية الكبير الذي تتمتع به».

المطيري: «كونا» تتمتع بدقة المعلومة ومرونة عالية في تحرير الخبر وتنوع المصادر

قال الطالب سلمان المطيري ان «فكرتنا الاولى عن (كونا) أنها قطاع حكومي جامد وغير مرن يعتمد على التصاريح الرسمية فقط، الا انه مع انخراطنا في البرنامج اكتشفنا انها تتمتع بمرونة عالية في تحرير الخبر وتنوع المصادر»، لافتا الى ان «ما يميز العمل في الوكالة هو دقة نقل المعلومة ومرورها على اكثر من جهة للوقوف عليها تحريريا وموضوعيا».

وأضاف المطيري أن «تجربتي في قطاع الاخبار المحلية طور من أدواتي، لأني مقبل على التخرج والعمل في الحقل الاعلامي من خلال العمل الميداني وتحرير الاخبار».

وذكر أن «ما يتعلمه الطالب في الكلية لا يفيد الا من خلال التطبيق على أرض الواقع ومعايشة الاحداث والوقوف عليها مباشرة، وهذا ما تعلمناه في هذا البرنامج».

وبدوره، قال الطالب جمال الكندري إن «اول ما تعلمته خلال البرنامج هو التوازن بين الدقة والسرعة في نشر ونقل الخبر، وألا تكون إحداهما على حساب الأخرى»، مؤكدا أن هذا الجانب يميز عمل الوكالة بشكل كبير ويجعلها مصدر ثقة في نقل الخبر ومرجعا اساسيا للاخبار الحساسة، وهو ما يؤكده جميع العاملين الذين أشرفوا على تدريبنا خلال البرنامج».

البعنون: البرنامج زاد الرغبة لدينا في العمل بالمجال الصحافي

أكدت الطالبة الاء البعنون ان تعاون قطاع التحرير في «كونا» ساعدنا على الاستفاده من فترة البرنامج وزاد لدينا رغبة العمل في المجال الصحافي من خلال العمل على تحرير الاخبار وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والموقع الرسمي لـ «كونا».

ولفتت الى الزيارات التي نظمتها الوكالة ضمن البرنامج التدريبي لمجلس الامة وديوان المحاسبة للتعرف على طبيعة المكان والعمل فيهما مما اسهم بشكل كبير في ملامستنا للعمل الميداني.

أما الطالبة دانة الشايجي فقالت، ان انطباعها عن البرنامج التدريبي في «كونا» كان حماسيا، حيث مارست العمل الصحافي بشكل مختلف عما يدرس في الكتب الجامعية، مضيفة أنه خلال تجربتها في قطاع الاخبار الدولية بالوكالة فقد اكتسبت مهارات عدة منها التركيز على سلامة اللغة المستخدمة في نقل وكتابة الخبر.

وبدورها، أكدت الطالبة سارة دشتي أن الخروج من القاعات والمقاعد الدراسية، خصوصا لطالب الاعلام والصحافة، يكسبه ثقة بالنفس، ويساهم بشكل كبير في تحديد توجهاته بعد التخرج.

وذكرت دشتي أنها أدركت من خلال فترة تدريبها في قطاع اذاعة الاخبار، ان عمل هذا القطاع يتطلب الكثير من الخبرة والدراية في نطق الأحرف بشكل صحيح وسرعة بديهة لتلافي أي خطأ يمكن أن يقع فيه المذيع، إضافة إلى ضرورة تمتع المذيع بثقافة واسعة.

ولفتت الى التعاون الكبير من قبل صحافيي الوكالة والموظفين واخلاصهم في نقل الاخبار وحرصهم على الدقة الامر الذي يشجع على استقطاب الكوادر الشابة من خريجي الصحافة والاعلام للانخراط في العمل الصحافي.