يتوجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، غداً، إلى نيويورك، للمشاركة في أعمال الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يلتقي على هامشها عددا من قادة دول العالم، وسبق وفد رئاسي ووزير الخارجية سامح شكري بالسفر إلى واشنطن، للتمهيد للزيارة، وترتيب جدول أعماله في الدورة العادية للأمم المتحدة التي تبدأ فعاليتها رسميا الثلاثاء المقبل.

وعلمت «الجريدة» أن السيسي سيجري على مدى 6 أيام لقاءات مكثفة مع عدد من قادة ورؤساء الدول الغربية والعربية والإفريقية، تستهدف جميعها توثيق علاقات التعاون المشترك، لاسيما التعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب، وما تتعرض له دول بالمنطقة من اضطرابات سياسية وأمنية تستدعي التكاتف لعودة الاستقرار إليها، خصوصا ليبيا وسورية.

Ad

وقال مصدر رفيع المستوى لـ «الجريدة» إن الرئيس ربما يناقش ملف المعونة الأميركية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، وذلك في لقائه كبار المسؤولين الأميركيين، خاصة بعد حجب نحو 300 مليون دولار من المعونة الأميركية بشقيها الاقتصادي والعسكري، والمقدرة إجمالا بـ 1.3 مليار دولار، على خلفية احتجاج واشنطن على انتهاكات القاهرة لحقوق الإنسان، وإصدار قانون مقيد لنشاط الجمعيات الأهلية، مما تسبب في توتر ملحوظ في العلاقات بين البلدين.

وأشار المصدر إلى أن وزير الخارجية سيعمل خلال وجوده في أميركا على ترتيب لقاءات بين السيسي ومسؤولين في «الكونغرس» الأميركي ووزير الخارجية ومسؤولين بالإدارة الأميركية، وربما ترتيب لقاء مع الرئيس دونالد ترامب.

وأضاف: «السيسي سيعقد جلسات مكثفة ومفاوضات مع المسؤولين الأميركيين لعدم تعليق المساعدات لمصر، وسيتم فتح ملف منظمات المجتمع المدني».

وأكد المصدر أن مصر الرسمية مستاءة من تقرير «هيومن رايتس ووتش» الذي هاجم فيه القاهرة واتهم السلطات المصرية بارتكاب جرائم تعذيب ممنهج لمعتقلين سياسيين، كاشفا عن إعداد «الخارجية» المصرية ملفا كاملا يتضمن وقائع تجاوز «هيومن ريتس في حق القاهرة، بما يكشف انحياز المنظمة الحقوقية ضد مصر»، وتابع: «الرئيس سيعمل على محاولة إقناع المسؤولين الأميركيين بوقف تعليق المساعدات لمصر»، خاصة أن القاهرة متقبلة لإجراء تعديلات على قانون الجمعيات الأهلية مستقبلا، وهو القانون الذي ترى فيه واشنطن قيدا على العمل المدني.

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، لـ «الجريدة»، إنه من الطبيعي أن يستغل السيسي زيارته إلى نيويورك لتغيير الانطباع الأميركي اتجاه القاهرة والسياسات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.

توازن عسكري

وفيما يعد تفعيلا لاستراتيجية مصرية قديمة تعتمد التوازن في العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، بدا واضحا أن القاهرة راغبة في استغلال علاقتها العسكرية الجديدة بكل من واشنطن وموسكو لرفع كفاءة قواتها المسلحة التي تعد الأضخم في المنطقة العربية، وذلك بتنظيم مناورات وتدريبات مشتركة مع الأميركان وأخرى مع الروس في التوقيت ذاته.

وانطلقت المناورات التدريبية العسكرية الكبرى بين القاهرة وواشنطن «النجم الساطع» (من 10 إلى 20 سبتمبر الجاري)، التي توقفت منذ عام 2009، بالتزامن مع التدريب المشترك بين مصر وروسيا «حماة الصداقة 2017»، والذي بدأ بالأراضي الروسية الأربعاء الماضي.

من جهته، أكد وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، اللواء يحيى كدواني، لـ «الجريدة»، أن مصر تسعى إلى بناء قوة عسكرية تجابه نظيراتها في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار يفهم الحرص المصري على إجراء تدريبات عسكرية مع أميركا وروسيا، وأضاف: «الخصائص التقنية والتكتيكية للأسلحة المصرية آخذة في التطور السريع، بسبب المناورات»، وأضاف: «إجراء مناورات مع موسكو وواشنطن في الوقت ذاته، أكبر دليل على استقلالية القرار المصري».

إحباط هجوم

وبينما تواصل قوات الجيش والشرطة عمليات تطهير سيناء من البؤر الإرهابية، ضمن المرحلة الرابعة من عملية «حق الشهيد»، قال المتحدث باسم القوات المسلحة، تامر الرفاعي، أمس الأول، إن قوات الجيش تمكنت من قتل 3 «تكفيريين» شديدي الخطورة، قبل استهدافهم أحد الارتكازات الأمنية بشمال سيناء.

صفحة جديدة

في الأثناء، أتمت القاهرة وروما طي صفحة التوتر التي سيطرت على العلاقات بعد مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة خلال فبراير 2016، إذ بدأ السفير المصري الجديد بروما، هشام بدر، مهام عمله أمس، بعدما قدم السفير الإيطالي جيام باولو كانتيني، أوراق اعتماده بمقر وزارة الخارجية المصرية بالقاهرة أمس الأول.

وقال السفير المصري قبيل مغادرته إلى روما، إن إيطاليا شريك رئيس ومهم لمصر على المستوى السياسي والاقتصادي والتجاري والأمني والثقافي، وإن إيفاد سفيرين جديدين للبلدين يعكس رغبتهما في استعادة المسار الطبيعي للعلاقات، مشيرا إلى أن آفاق العلاقات بين الدولتين تتسع لاستيعاب إمكانات التعاون الكبيرة على المستويات المختلفة، خاصة أن مصر من أهم الشركاء الاستراتيجيين لإيطاليا بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.