مسيرة طارق وجيهان رجب (2)
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
وانبهرت بالعباءة حتى بعد أن توقفت قريبات زوجها عن ارتدائها، بقيت وحدها ترتديها، إلى أن استقرت بالثياب البنجابية.النزعات هذه لا تتوقف على اللبس والمظهر الخارجي، بل انسكبت على التكوين الداخلي لتتشكل شخصية فريدة من نوعها، شكَّلت عجينها مجموعة الثقافات المختلفة، التي هضمتها وتآلفت معها، فمن ثقافة استعمارية آسيوية إلى ثقافة إنكليزية خالصة، ولغات متعددة، ومن فتنة رقص الفلامنكو الإسباني، و"هوبا" تنطلق برحلة على دراجتها الهوائية من إنكلترا إلى فرنسا، تلقي بدراجتها المتحطمة في نهر باريس وتواصل بالقطار رحلتها إلى جبل طارق، ثم تعود إلى إنكلترا، كل هذا وهي في عمر الثامنة عشرة، فماذا ينتظر السنوات القادمة من عمرها؟! تحصل على وظيفة في مكتب الحاكم البريطاني في كوالالمبور، وفجأة قبل تسلّم العمل يلتقي قدرها بقدر طارق رجب في مقهى "نوتاريني" في إيستبورن جنوبي إنكلترا عام 1954، كان جالساً يرسمها من بعيد وهي جالسة تدرس اللغة الغاليكية، من هنا بدأت حكاية العمر كله، كان القدر قد رتبها وهيأهما قبل أن يلتقيا، وإلا ما تفسير أن يتم إعدادهما بذات المواصفات وبنفس الروح المحبة والعاشقة للفنون والمفتونة بروح الحضارات، التي وحدتهما رغم اختلافات المكان والعادات والتقاليد وحتى الزمان، ونصيحة "برين جاكسون" لها: الا الكويت، ثقافة وحياة مختلفتان تماماً عن ثقافتها وحياتها، لكن لا أذن تسمع ولا قلب يصيخ، من يستطيع تغير مسار القدر؟فالمفتونة بالثقافات صاحبة المغامرات الأنثربولوجية المنتمية لجمعية المعارف الغجرية والكاتبة فيها، ستجد في كويت الخمسينيات عالمها البريء النيء وستعيش مغامراتها في مجتمع مازال محكوماً بالتقاليد حتى أنها غسلت ملابسها في البحر عندما رأت بعض النسوة يفعلن ذلك، ولم تعرف أنهن العاملات في بيوت العائلات.ستتطور الكويت وجيهان ستدخل في تجارب لأعمال مهمة ومختلفة، ستهتم بالحياة البرية وحيواناتها إلى جانب مشاركتها في البحث والتنقيب عن الآثار في "فيلكا"، وستحزن لما أصاب الجزيرة من تدمير لكل مواقعها الأثرية بعد الغزو العراقي للكويت، وستشارك في أكبر مظاهرة بالجابرية ضد الغزو، وأطلق العراقيون عليها الرصاص فارتمت على الأرض وصرخت بالحشد: "استلقوا على الأرض".أعمالها متعددة ومتميزة بداية مع وكالة "توماس كوك" للسفريات، ثم متطوعة في منظمة "سانت جون الإسعافية" وقارئة للأخبار بالإنكليزية في إذاعة الكويت ثم كمدرسة للغة الإنكليزية، ومساعدة في "المجلس الثقافي البريطاني" وقامت أيضاً بتمثيل بعض الأدوار في مسرحه، إلى أن أنشأت هي وزوجها المدرسة الإنكليزية في الكويت، التي أصبحت هي مقرها وعملها الدائم إلى جانب إدارتها للمتحف الخاص بهما.جيهان مولعة في التعلم والدراسة، تلقت دروساً في اللغات والحلي والرقص والفن التشكيلي والحضارات بما فيها الحضارة العربية.غابت جيهان وبقيت سيرتها حية متوهجة في يومياتها.